عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

جعفر أمان - السعودية

ثلاثة نصوص قصيرة


العاشق

لم يشفع حبه الطاهر لها، في الاقتران بها. وعجز —برغم تكرار المحاولة— عن كسر طوق الرفض الذي يمارسه أهلها. لم ييأس. لم يفقد الأمل، حتى هُد المعبد عليه بعقد قرانها على غيره. هُنا يمّم وجهه صوب الملعب الترابي القريب من داره. خطواته متعثرة. عيناه زائغتان. ألهبت حرارة العشق عقله. وقف في منتصف ذلك الملعب. نظر إلى منزل محبوبته. سكب البنزين على جسده. أشعل عود الثقاب. وأحرق جسده.

سر الدمعة

تملك شعور غامض، متناقض، حياتها. قطع الأرق وعداً على نفسه ألا يفارقها. أحال حياتها إلى قطار سريع متعدد المحطات، من الكوابيس والهواجس والألم. جافى النوم عينيها الحزينتين دائمتي الاضطراب. مدت يدها دون وعي. فالتقطت البوم صورها. فتحته، فوقعت عيناها الزائغتان، على صورة لوجهها الجميل، قبل أن تشوهه نار الموقد، الذي كانت تعد عليه طبقاً لشقيقاتها. سقطت دمعة أطفأت حرارة قلبها. وأرخت جفون عينيها، وكأنها أسدلت ستائر غرفتها عليها، لتبقى وحيدة، بعيدة عن أعين الشفقة والسخرية، ولتوقف ذلك الشعور ولو مؤقتاً.

المستقبل المفروض

"تزوجيه. هو خيارك. هكذا أراد لك القدر. حافظي على أبناء شقيقتك المتوفاة. إن رفضت فمن لهم؟"

هكذا وجدت شيماء نفسها، محاصرة من كل جانب. تلفح السياط الغليظة كل جزيئات إدراكها ووجودها، بدءاً من أمها، مروراً بإخوتها وأسرتها، وختاماً بالمقربين منها. لم يكن هناك صوت تسمعه، سوى ضرورة التضحية والقبول بالزواج من زوج أختها، التي توفيت قبل عام مضى، دون مراعاة لمشاعرها ورغباتها.

حاولت أن تصمد، وأن تنتصر لرأيها بعدم قبول هذه الزيجة. حاربت لتحقق حلمها بفارس المستقبل الذي ترغبه وتريده. لكن عظمها الطري، ولحمها الغض، لم يستطيعا الصمود طويلاً، خاصة بعد أن قاطعها بعض أفراد عائلتها. تحملت في البداية، لكنها انهارت تماماً عندما مارست والدتها تلك المقاطعة. رضخت للأمر الواقع. وافقت على الزواج المفروض. وافقت أن تقتل نفسها، وتواري جثمان استقلاليتها الثرى، بعد أن مددت جسدها المثقل بالهموم والأحزان، على نعش المستقبل المجهول.

D 1 أيلول (سبتمبر) 2007     A جعفر أمان     C 0 تعليقات