د فضيلة بهيليل - الجزائر
بنية السرد في رواية "عفان بن نومان"
ملف: تكريم الكاتب نازك ضمرة
ارتبط فعل السرد أو الحكي بوجود الإنسان، فهو قديم قدمه، سواء أكان مرويا أم مكتوبا، وهو ما عبر عنه رولان بارث في قوله:
"يمكن للقصة أن تعتمد على اللغة المفصلية، شفوية أو مكتوبة، ويمكنها كذلك أن تعتمد على الصورة، ثابتة أو متحركة، كما يمكنها أن تعتمد على الحركة، وعلى الاختلاط المنظم لكل هذه المواد. وإنها لحاضرة في الأسطورة والخرافة، وحكايا الحيوان، والحكايا والقصة القصيرة، والملحمة والتاريخ والتراجيديا، والمأساة والكوميديا والمسرح الإيمائي والصورة الملونة. وإن القصة لحاضرة بكل هذه الأشكال غير المتناهية تقريبا في كل الأزمنة وفي كل المجتمعات، وإنها لتبدأ مع التاريخ نفسه"[1].
ذلك يعني أن فعل السرد أوسع من أن يخضع لضوابط محددة ما دام يتنوع ليشمل كل ما هو أدبي وما هو غير ذلك.
والسرد هو أسلوب متبع في القصص والروايات ينسجم مع نفسية الكثير من الكتاب وأفكارهم، من خلاله يترجم الكاتب سلوكيات الأشخاص وأفعالهم والأماكن التي تدور بها هذه الأحداث، سواء كانت حقيقية ينقلها إلى عالم متخيّل، أو كانت خيالية، وهو "نقل الفعل القابل للحكي من الغياب إلى الحضور وجعله قابلا للتداول، سواء كان هذا الفعل واقعيا أو تخييليا، وسواء تم التداول شفاها أو كتابة"[2].
لا معنى للحياة خارج الوطن، ولا كرامة. حقيقة نعرفها وندركها ويحسها أكثر كل مغترب عن وطنه وكل أسير. هي حقيقة تجلت بين صفحات رواية الأديب نازك ضمرة المعنونة بـ "عفان بن نومان"، وعكسها بوضوح الأسير الفلسطيني "سلوم"، هذا الأخير الذي لم يكن يعرف شيئا عن فلسفة الحياة عدا حبه لديجة (خديجة) زوجته وتفانيه في خدمة أرضه وأرض أجداده لسد حاجيات الأسرة الصغيرة المتكونة من الخال الكفيف جسار والأخ دعيس. أسرة عانت الفقر والعوز شأنها شأن باقي سكان القرية.
يفتتح الكاتب نازك ضمرة نصه الروائي بمشهد يصور لحظة حدوث الأسر، أين يتم القبض على سلوم وهو بالقرب من خط الهدنة على مسافة من إحدى القرى التي تم تهجير أهلها الفلسطينيين لتصبح بعد ذلك تابعة لإسرائيل. أين يتوجه البطل سلوم ذات يوم مشؤوم نحو أحد الحقول ولم يعرف أنها منطقة ممنوعة قد رسم اليهود خطا وهميا فاصلا، فيتم القبض عليه من طرف جنود العدو الصهيوني، لتبدأ رحلة العذاب والألم.
هي رحلة شاقة جعلت منا قلوبا متألمة كلها حسرة على ما يلاقيه سلوم من تعذيب وتجريح وإهانات، متنقلا من مكان لآخر بغرض استجوابه قبل أن يتم الحكم عليه بالأعمال الشاقة لمدة سنتين، بعد أن ثبت عدم تورطه في أية قضية تهدد أمن إسرائيل.
يتم نقل سلوم بعد التحقيق إلى غريفة صغيرة داخل معسكر الكيبوتس، وتحت حراسة المجندة العربية الإسرائيلية "ريتشي"، اختارها الكاتب بفكر متحرر، مثقفة ولديها نظرة خاصة وعميقة عن العالم والحياة.
ريتشي هي بمثابة نقطة تحوّل فعلي في الرواية، ومن خلال حراستها لسلوم تكتشف طباعه وإخلاصه في العمل. ريتشي التي منحها الكاتب الكثير من الصفات المتناقضة والمشاعر المتباينة؛ حبها لإسرائيل والدفاع عنه والتباهي به من جهة، وعطفها وشفقتها على الأسير الفلسطيني سلوم من جهة أخرى.
ريتشي المرأة التي أعادت ترتيب المفاهيم بعقل سلوم، وأنارت له الكثير من المسائل الغامضة، علّمته كيف يحب نفسه، فتحت عيونه على حقيقة القضية الفلسطينية وعلى حقيقة التاريخ الذي لم يكن يفهم فيه قبلا، غذّت عقله بتلك الكتب العريقة والمجلات التي كانت تجلبها له بين الحين والحين، والتي تعود إلى فلسطينيين تمّ طردهم من ديارهم فتركوا خلفهم أثاثهم وأغراضهم وقلوبهم معلقة بحب الوطن والديار.
سلوم لا ينكر فضل ريتشي، بل ويعترف بذلك في أكثر من مرة، كما هو الحال في إحدى حواراته معها، يقول: "لا أنكر أنكِ نوّرتِ زوايا كثيرة في قلبي وعقلي وزدتني إيمانا بالحقيقة".
وبقدر ما كان سلوم متأثرا بقدر ما كان مؤثّرا أيضا بالنسبة لريتشي، فقد تعلمت منه الكثير. أحبت رجولته وصدقه وإخلاصه، وهو الأمر الذي افتقدته في الرجال الإسرائيليين الذين كانوا أكثر شرا وعدوانا وشراسة لكل من كان خارج دائرة الإسرائيلي.
تعلمت الإنسانية وحلمت بأن يحبها سلوم كما أحب ديجة وأخلص حتى وهو بعيد عنها، قاهرا الزمان والمكان، فلا شيء بالنسبة إليه كان قادرا على أن يمحي حب ديجة من قلبه.
سلوم وعلى الرغم من حبه الكبير لديجة إلا أن ريتشي استطاعت أن تحتل مكانا بقلبه، أن تعوضه بعضا من الحرمان الذي يعانيه: حرمان الفقد والشوق. ما كان له أن يتحمل العيش مسلوب الإرادة والحرية محروما من كل شيء.
كانت ريتشي تعطف عليه وتعامله بكل ودّ حتى وهي ترتدي الزي العسكري وحين تغيره تتبدى لسلوم امرأة كاملة الأنوثة. ويقع الشاب أسيرا مرتين لا حول له ولا قوة.
تتأزم الأحداث وتتعقد ويتحول الأسر إلى نعمة بالنسبة لريتشي تضمن فيه وجود الرجل الذي غيّر حياتها، والذي ذكّرها بحبيبها المغربي المسلم أيام كانت تقطن بالمغرب، وعلى الرغم من كل الإغراءات التي قدمتها ريتشي كي تبقي سلوم إلى جانبها إلا أنها ما كانت ترى منه إلاّ حبه وإخلاصه لزوجته.
هكذا انقضت مدة الحكم لتتجلى خيوط النهاية ملوّحة بصمت مريب، فنرتبك ونحن نتابع اعترافات ريتشي الخطيرة، وكيف أنها تحمل في رحمها طفلا من سلوم، أرادته أن يكون عربيا فلسطينيا، مفتخرة بذلك، تريد زرع بذرة نقية صالحة لا تعرف الكراهية، فتصيب سلوم رجفة وارتباك وحيرة أمام ريتشي التي راحت تبوح له هذه المرة كما لم تبح من قبل، مكسرة كل الحواجز بينهما في حديث وجداني رهيب:
"إنك لست الرجل الوحيد في هذا العالم، لكنك العربي الذي استطاع اكتشاف جيوب هذا القلب وأسره، وأودعت هذا الجسم طفلا عربيا فلسطينيا وما زلت وستبقى نموذجا حيّاً نابضاً بالصبر والمسالمة وهدوء النفس".
استطاع الروائي نازك ضمرة أن يفاجئ القارئ ويربكه فتضيع منه صورة النهاية، حين يكشف عن الحب القائم بين الأسير الفلسطيني عفان والمجندة الإسرائيلية ريتشي، ثم يمهدنا للنهاية التي جاءت عكس توقعات القارئ، فما كنا ننتظره بشوق هو تلك اللحظة التي يجتمع فيها سلوم بديجاه فينعمان بالوصال بعد حرمان دام أكثر من سنتين، غير أن البطل يعود في آخر المطاف إلى الزوجة والحبيبة ليصدمنا خبر زواجها من ابن عم سلوم بعد أن تم الإعلان عن وفاة سلوم من قبل شيوخ القرية وكبارها.
هي نهاية مفجعة للبطل وغير متوقعة بالنسبة للقارئ الذي ظل متسائلا: كيف استطاعت ديجة رغم حبها الكبير أن تقبل برجل آخر غير سلوم الذي أفنى عمره في حبها وظل مخلصا رغم كل سنوات البعد والحرمان؟ نهاية أرادها الكاتب أن تظل مفتوحة على عدة قراءات وتحتمل أكثر من تأويل حين فوجئ البطل بالخبر بعد أن أكده له أكثر من شخص آخرهم خاله.
يقول سلوم في آخر كلام له معاتبا حزينا حدّ الوجع: "أريد أن تخبرني يا خال، أين أنام الليلة؟ ليتني أعود للأسر، قل لي كيف أدخل بيتي؟ وأين أذهب الآن؟ ما أن نطق هذه الجملة حتى داخ وسقط على الأرض".
هكذا انتهت الرواية مفتوحة على عدة احتمالات، فلا نعرف هل استفاق سلوم بعدها؟ هل فكر في العودة إلى ريتشي؟، هل ظل حبيس منزله أم هاجر القرية؟ أم أنه لم يستفق بعدها. نهايات كلها واردة ومحتملة وممكنة. والراوي قد تعمد ذلك ليكسر النهايات الرتيبة التي تنتصر في الأخير للبطل دوما وتعود الحياة لطبيعتها، غير أنه فاجأنا بهذه النهاية المفتوحة الحزينة.
جاء السرد في رواية عفان بن نومان بسيطا من حيث الشكل عميقا من حيث المضمون، فالكاتب كان حريصا على نقل الأحداث والمشاهد بدون أي غموض قد يتلبس القارئ.
غير أن تلك البساطة في السرد لم تَخلُ من بُعد الرؤيا وعمق الفكرة أو القضية التي عالجها النص، لتكتمل عناصر الرواية، فكان للمكان حضور قوي تمثل في الأراضي الفلسطينية والأراضي المحتلة، وكان للزمان حضور حتى وإن كان متقطعا تداخليا، تخللته الكثير من الفواصل التي ساهمت في إبطاء السرد، من خلال التذكر وتداعي الأفكار والذكريات، والشخصيات التي اختارها الكاتب بعناية وأوكل إلى كل شخصية مهمة تليق بها، والأبعاد الاجتماعية والسياسية والنفسية التي انعكست داخل الرواية. كل ذلك جعل من النص الروائي نسيجا محكم البناء.
سأحاول وفي إيجاز التطرق إلى أهم عناصر البناء السردي في رواية عفان بن نومان، والتي كان تجليها واضحا في النص السردي الذي بين أيدينا، وذلك من خلال النقاط التالية:
= بناء الزمن في رواية عفان بن نومان.
= بداية الوعي والنضج الفكري لدى سلوم.
= حضور القضية الفلسطينية.
بناء الزمن في رواية عفان بن نومان
تستخدم لفظة الزمن للدلالة على الوقت، وهو الصراع الوحيد الذي ينهزم فيه الإنسان دائما، وله أنواع أبرزها: الزمن المتواصل، والمتعاقب، والمنقطع أو المتشظي. تتداخل بالحدث السردي وتلازمه ثلاثة أضرب من الزمن وهي:
أ. زمن الحكاية.
ب. زمن الكتابة.
ج. زمن القراءة.
اتجه الكتاب المعاصرون إلى استخدام تيار الوعي كتصور جديد للزمن في بناء النص الأدبي، وذلك من خلال تجزيء الزمن وفق الحالة الشعورية الخاصة بشخصيات الرواية، فلم تعد هناك حاجة إلى اعتماد التناسق في النص السردي مثلما كان مع الرواية الكلاسيكية بقدر ما يحتاج إلى أن يكون النص دالاًّ.
اعتمدت الرواية الكلاسيكية على التسلسل الزمني المنطقي القائم على السببية وتتابع الأحداث بدءاً بزمن الانطلاق إلى زمن الوسط فالنهاية، بهذا الترتيب، أي أن الزمن الكلاسيكي يتقدم ويسير بصورة خطية مباشرة من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل.
غير أن الرواية الحديثة تجاوزت ذلك، وأصبح الحاضر التخييلي هو الأكثر حضورا في النص، بحيث يصبح القارئ قادرا على الغوص داخل أعماق الشخصية وقراءة أفكارها وحالاتها الانفعالية الشعورية، ذلك أن الزمن الروائي هو زمن داخلي تخييلي.
وفي رأي سعيد يقطين: "إذا كان التصور التقليدي يرى أن الزمن هو الشخصية الرئيسة في الرواية، ففي الرواية الجديدة يمكن القول إن الزمن يوجد مقطوعا عن زمنيته، إنه لا يجري، لأن الفضاء هنا يحطم الزمن، والزمن ينسف الفضاء، واللحظي ينكر الاستمرار. يتضح من خلال هذا التصور الذي يقدمه لنا غرييه الرؤية الجديدة للزمن، والتي تنكر أي تماثل أو انعكاس للزمن الواقعي"[3].
يتعدد حضور الزمن في النصوص السردية الحديثة، فلم يعد الزمن خطيّاً متتابعا بل صار متشظيا حينا ومتداخلا حينا آخر، يتجلى ذلك من خلال عدة تقنيات تساهم في إبطاء السرد أو تسريعه حسب حاجة الكاتب وما يفرضه النص السردي، ومن أهم هذه التقنيات: الحوار الداخلي، المشهد، الوقفة الوصفية، المونولوج، التداعي، القفز، الحذف، التلخيص، وغيرها.
ومن مميزات الرواية الجديدة أيضا بالإضافة إلى الزمن نجد أنها أولت القارئ اهتماما كبيرا، فأصبح هذا الأخير يشكل الخطاب الروائي من خلال قراءته، ولم يعد القارئ "يقف موقفا سلبيا محضا، بل يعيد من جديد بناء رؤيا أو مغامرة "[4]، ولم يعد مجرد متلق سلبي بل هو ملزم باستنطاق النص الروائي، وهذا مظهر من مظاهر التجديد في الرواية الحديثة، بالإضافة إلى حالات القلق والتشرذم والانفصال التي يعيشها رواة النص.
ينطلق الزمن في الرواية لحظة أسر سلوم، في مشهد يجعلنا نرثي لحاله ونشفق عليه جراء ما لاقاه من تعذيب على يد المحتلين الصهاينة، فكان مجيئه لتلك البقعة من الأرض سببا في مأساته ومعاناته التي ستستمر ونعيشها نحن القراء بكل تفاصيلها الموجعة والمؤلمة.
الروائي ومنذ الفصل الأول يقطع أنفاسنا ونحن نراقب بخوف ما سيحدث لسلوم بعد أن تجمع حوله الجنود الصهاينة وقد أبرحوه ضربا لأنه وطئ منطقة محرمة، ولم تشفع له أناته ولا الإسهال الذي مزق أحشاءه على مرأى منهم، فقد كانوا وحوشا بلا أدنى إنسانية أو رحمة.
يقول الروائي: "نفذ الأوامر برفع يديه مستسلما، تلقى الضربة الأولى بكعب البندقية فوق قلبه، وقال له البولندي، هذه تحت الحساب يا ابن الكلب، وستشكو كثيرا من مثلها. سمع عفان عظام صدره تطقطق، تضطرب دقات قلبه، تتسارع ضرباته ثم يضعف كأنه سيتوقف، ارتج ورفرف القلب المعذب مرات عدة، أحس بقرب الموت، يهوي سلوم على الأرض، يركله البولندي وهو يهوي بقدمه ثانية في رأسه".
هكذا آثر الروائي أن يبدأ خيط السرد من الوسط ليعود بالزمن في الفصل الثاني فيروي ما كان قد حدث قبل خروج سلوم، محدثا بذلك كسرا للتسلسل الزمني عن طريق الاستذكار في كل مرة، أو ما يعرف بتقنية الفلاش باك، فيعرض الكاتب جانبا من حياة البطل سلوم ويغوص في أعماق نفسه كأنه يريد أن يظهر لنا مدى بساطة البطل سواء من الناحية الفكرية أو الاجتماعية. وتظهر شخصية ديجة، زوجته وحبيبته فيتذكر كيف كانا يقضيان أيامهما ولياليهما لا يكدر صفوها شيء، ولا يفكران في شيء سوى العيش بسلام تحت سقف واحد.
الفصل الثاني يخفف القلق كثيرا على القارئ عندما يعود الكاتب بالزمن إلى الوراء، فينسى لوهلة أن سلوم الآن أسير، ويغوص في تلك التفاصيل الصغيرة التي تجعل البطل ينسى قليلا آلامه وأسره. ثم نكتشف أن سلوم يتيم يعيش مع أخيه دعيس وخاله الكفيف جسار بعد وفاة والده الذي قتلته صخرة كانت تدحرجت عليه، ثم وفاة الوالدة بعد ذلك، فندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتق هذا الشاب الذي تم تزويجه في سن السابعة عشر حماية لشرفه ولخدمتهم جميعا، فكانت تلك المرأة ديجة (خديجة) وكان أن عشقها سلوم فأصبحت كل حياته.
إن بناء الرواية يقوم من الناحية الزمنية على مفارقة تؤكّد طبيعة الزمن الروائي التخييلية. فمنذ كتابة أول كلمة من النص الروائي، يكون كل شيء قد انقضى. ويعلم القاص نهاية القصة. فالراوي يحكي أحداثاً انقضت، ولكن بالرغم من انقضائها، فإنّ الماضي يمثّل الحاضر الروائي، ويتجلى في عناصر الرواية كافّة، وتظهر آثاره واضحة، على ملامح الشخصيات وطبائعها وسلوكها، فالأحداث التي يسردها الكاتب، والشخصيات الروائية التي يجسدها، كلُّها تتحرّك في زمن محدّد يُقاس بالساعات وبالأيام والشهور والسنين. وهذا يعني أنّه زمن تصاعدي. إذ يفترض أنْ يجري عرض الأحداث وفق تسلسلها الزمني المنطقي الطبيعي.
على أنّ استجابة الرواية لهذا التتابع الطبيعي في عرض الأحداث، حالة افتراضية أكثر مما هي واقعية، لأن تلك المتواليات الحكائية، قد تبتعد كثيراً أو قليلاً عن المجرى الخطّي للسرد، فهي تعود إلى الوراء عن طريق استحضار واسترجاع أحداث وقعت في الماضي. أو على العكس من ذلك تستقبل زمنا آت من خلال تصورها لما يحدث وما يمكن أن يحدث مسبقا. وفي كلتا الحالتين نصبح أمام مفارقة زمنية، توقف استرسال الحكي المتنامي، وفسح المجال أمام نوع من كسر للتسلسل الزمني، انطلاقاً من النقطة التي وصلتها القصّة. وهكذا نصبح مرة أمام زمن يسرد لنا الماضي من خلال الحاضر وآخر يسرد لنا المستقبل وهو ما لم يحدث بعد.
يتحدد الزمن في الرواية من خلال علاقة المتكلم بزمن النص نفسه، له زمنه الخاص هو زمن الفعل، ويمكن لزمن الفعل هذا أن يتطابق مع زمن النص أو أن يقع قبله أو يتوقعه[5].
هكذا كان الزمن في الرواية متقطعا ما بين ماض وحاضر مناوبة، ودون الاعتماد على الطريقة الكلاسيكية في بناء الزمن، إذ تعتمد الروايات الكلاسيكية في مجملها على توالي الأحداث ورتابة الزمن وتسلسله، بينما الروايات الحديثة جعلت من الزمن متحركا متقطعا وذلك من خلال العودة به إلى الوراء إلى الزمن الماضي رجوعا إلى الزمن الحاضر ثم العودة مرة أخرى إلى الخلف وهكذا، في حركة متقطعة ما بين الزمنين.
هذا الأمر تجلى واضحا في رواية عفان بن نومان من خلال خاصية "التذكر"، كقوله: "أتذكر بعض المواقف والمشاهد من حياتنا في فلسطين قبل الهزيمة"، أو من خلال انتقاله من الحاضر إلى الماضي دون ذكر رابط وترك مهمة التركيب للقارئ.
بدأت الرواية من المنتصف، أي من لحظة القبض على سلوم وأسره ثم عادت بنا إلى الزمن الماضي وظلت تتأرجح بين زمنين (الماضي، الحاضر) في تناسق وانسجام لم يفقد الرواية جماليتها ولم يؤثر على بنيتها، بل العكس من ذلك، هذا التنوع في الزمن ساعد في زيادة المتعة لدى القارئ وشده دون أن يشعر بالملل وهو محاصر داخل زمن الأسر مثلا، أو محاصر داخل زمن حياة سلوم العادية.
واستطاع الكاتب وبنجاح أن يعود بنا إلى ماضي سلوم دون أن نحس بوجود خلل أو تشويش في الزمن وكأننا نعيش بزمن واحد حتى وسلوم يروي لنا تفاصيل الأسر بغريفته أو زنزانته تارة أو يعود بنا إلى حياته الهادئة قبل الأسر.
بداية الوعي والنضج الفكري لدى سلوم
سعى الكاتب إلى إبراز هوية شخصياته من خلال القيم التي أكسبها لها، فجعلها تعبر عن ذاتها وكيانها ووجدانها، وأبرز الشخصيات في الرواية التي عكست ذلك كانت شخصية سلوم وشخصية ريتشي في علاقات تجاذب وتضاد ثم توافق فكري أو تقارب في آخر المطاف.
سلوم ما كان له أن يتعمق في مسألة قضيته ومعرفة تاريخ بلاده الحقيقي لولا أنه احتك بفكر الآخر واطلع على ثقافته وطريقة تفكيره، بل إنه اكتشف كذلك أخلاقيات الآخر والجانب الإنساني المنعدم فيه، وبالتالي زاد تمسكه بهويته وأخلاقه ومبادئه وهو يرى الفرق بينه وبين الآخر، أن "الهوية دون انفتاح على المختلف أخلاقيا (...) تصبح مرضية وعصابية لأنها تكون قد انكمشت حول ذاتها ورفضت العالم وما يحيط به"[6].
إن الصراع الفكري الذي حدث بين الشخصيتين الرئيسيتين (سلوم وريتشي)، كان يتطور كلما تقدمت العلاقة بينهما، وذلك من خلال تمسك كل منهما بهويته ومحاولة التشكيك بهوية الآخر.
إن الهوية "ليست إحالة دائمة إلى الماضي أو إلى التراث الذي ينتمي إلى زمنية قديمة يمارس سلطته الرمزية والزمنية على الإنسان في هذه الحالة فإن تثبيت الهوية في هذا الزمن يعني تصنيمها، في حين هي مشروع غير مكتمل، هي ما يُبنى في المستقبل أيضا"[7].
لا تعني فالهوية البقاء أو العيش داخل حيز الماضي، وفي ثبات تام، لأن ثباتها شبيه بقتلها من خلال انغلاقها وتجميدها بفترة زمنية محددة، الهوية تكتمل أيضا من خلال ما يضاف من فكر ووعي في زمن الحاضر والمستقبل، هو الأمر الذي عكسه سلوم حين أدرك أنه لم يكن يعرف الكثير عن القضية الفلسطينية، وأن احتكاكه بثقافة وفكر الآخر (ريتشي)، أكسبه مفهوما جديدا لقضيته، بل وتجاوز ذلك إلى رغبته في العودة لبلده ونشر الوعي بسكان قريته، يقول:
"سأدعو الناس للوعي والتثقف، بدل الجلوس ساعات طويلة في الحارة أو أمام المسجد بلا عمل مجدٍ".
ويقول في موضع آخر يناجي فيه ديجة: "أنت وأهلي ووطني بحاجة للانفتاح والنظرة للعالم والحياة بعيون مختلفة، انفتح العالم أمام ناظري، أنا سلوم الجديد، سأغيّر حياتك وأهلنا وجميع أهل قريتي، هنا في هذه الرأس عالم مضغوط ومختلف أحمل فيه مصابيح وشموعا، لأشعلها في طرقاتك يا ديجة، وفي حياة مجتمعنا الصغير في القرية".
وجود سلوم بالأسر جعله يكتشف الحياة ويراها بمنظار آخر أعمق، فقد نضجت أفكاره وزاد وعيه، وأدرك وعرف وقدر ما لم يكن سابقا يهمه، كان همه الوحيد هو العمل بأرضه والعودة إلى زوجته ديجة وخاله وأخيه، الآن تغير، اتسعت وتعمقت معرفته وإدراكه، حتى ريتشي لاحظت ذلك، تقول في حوار دار بينهما:
= "خربت عقلي يا سلوم، يا أيها الفلاح العربيم الذي تبدل ونضج في الأسر... لم أكن أتوقع منك أيها العربيم القزم هذا الوعي واللغة".
يعود سبب نضج الوعي لدى سلوم كونه كان تحت إشراف وحراسة ريتشي، كانت تبوح له بين الحين والحين بما يخالجها من أفكار وبنظرتها للحياة، وبرؤى فلسفية عميقة، وبحفر في تاريخ لم يكن واضحا بالنسبة إليه.
ولم تكتف ريتشي بذلك، بل كانت تحضر له الكتب والمجلات التي تم الاستيلاء عليها من بيوت الفلسطينيين بعد طردهم من منازلهم، يقول سلوم:
"أحس بإنسانيتي التي استيقظت بوعي وتحفز (...) إن أفكارك تزعزع استقراري النفسي والاجتماعي يا ريتشي (...) تؤثرين في عقلي وعلى مشاعري والخشية أن يصل الأمر لضميري، أحاول الصمود والمقاومة، لا أنكر أنك نورت زوايا كثيرة في قلبي وعقلي، وزدتني إيمانا بالحقيقة".
ولم يكن سلوم وحده من تأثر بل ريتشي هي الأخرى تأثرت بمبادئ سلوم وصدقه وبساطته، بل وتعترف أن سلوم غيّر الكثير من أفكارها وتأملاتها، تقول:
= "جميلة شهوري الماضية يا سلوم الفلسطيني بعد تبني مشاعرك، تغير الكثير من أفكاري وحياتي وتأملاتي لمستقبلي".
ريتشي المجندة الإسرائيلية العربية، والتي لطالما دافعت عن دولة إسرائيل وتباهت بقوتها وجبروتها وازدهارها تدرك في قرارة نفسها أن الإسرائيليين لم يبنوا دولتهم إلا على أنقاض جثث الفلسطينيين وبالنهب والاغتصاب، وقد صرحت بذلك لتيروريست وعلى مسمع من عفان حين تطلب منه أن تصبح مضيفة طيران بدل الإقامة في إسرائيل:
"أريد أن أكون مضيفة طيران، الإقامة في مكان واحد مملة، الإقامة هنا في دولة إسرائيل كأنها سجن، كل الشعوب التي حولنا تعادينا وتكرهنا".
وتضيف بعد ذلك لسلوم قائلة: "لا أريد الحرية المزيفة، والخالية من المعاني الإنسانية على أرضنا، دولتنا المزعومة زائفة وزائلة لا محالة".
ولم تتوقف ريتشي عند هذا الحد من الاعتراف بالذنب بل راحت تصرح بذلك لسلوم في اعتذار وندم بعد أن عرفته وعاشرته:
"أحاول أن أكفر عن شعبي الذي اضطر لظلمكم، إنها لحظات حساب الضمير، إن الكثير من الواعيين اليهود، يشعرون بالذنب بسبب الظلم الذي أذقناه للفلسطينيين".
غير أن ريتشي تنبه سلوم إلى مسألة لم يسبق لها أن دارت برأسه ولا خطرت على باله حين تذكره بأن الحكام العرب أيضا يظلمون شعوبهم وليست فقط الشعوب الاستعمارية، ومن هنا ينطلق الوعي السياسي لدى سلوم وتسكنه القضية الفلسطينية الآن بوعي مختلف تماما عما كان قبل الأسر يقول:
"لم أكن أعرف الكثير قبل أسري عن قضية فلسطين، لكن الأسر أتاح لي أن أعرف فظاعة الظلم الذي ألمّ بشعبي العربي الفلسطيني".
ثم يراجع عفان بفكره أحداثا مرت كان للحكام العرب دور مخز فيها، كالتخلي عن إحدى الأراضي الفلسطينية وعدم حماية مدن فلسطينية هامة يقول:
"كان من المفروض أن تحمي جيوش العرب المجاورة لفلسطين المدن الرئيسية مثل يافا واللد والرملة وحيفا وعكا وبئر السبع، والتي كانت تخلو من اليهود وقتها تقريبا، وباتفاقيات مخزية وبانسحابات ذليلة، ضاعت هذه المدن وقراها التابعة لها، وسهولها الخصبة وحقول البرتقال".
حضور القضية الفلسطينية
تحضر القضية الفلسطينية وبقوة في رواية "عفان بن نومان"، بل لا نكاد نلتهم صفحة من صفحاتها إلا وتذوقنا طعم عصير ليمون فلسطيني وبرتقال، أو مذاق زيتون، أو احتسينا شايا بالميرمية وتصاعد إلى أنوفنا عبق تراب فلسطيني ممزوج بشجيرات زعتر سكنته في ودّ، فالكاتب نازك ضمرة أتى على ذكر القضية الفلسطينية في خطاب صريح حينا، ومضمر حينا آخر تجلى من خلال الرمز. كما أن الكاتب يورد خطابات صريحة عن النكبة العربية سنة 1948، عما كان قبلها من أمن وسلام وما صار بعدها من خراب ودمار.
يتحدث الكاتب أيضا عن وعي سلوم بحقيقة القضية الفلسطينية وهو في الأسر، يصرح سلوم نفسه بذلك قائلا: "لم أكن أعرف الكثير قبل أسري عن القضية الفلسطينية". كما وردت القضية الفلسطينية بشكل رمزي من خلال ديجة، فشخصية ديجة لم تكن سوى فلسطين، الأم، الحبيبة، الأرض التي تفتح ذراعيها للجميع.
شخصية ديجة كانت رمزا لفلسطين في صبرها واحتمالها وبساطتها، والتي لم يستطع سلوم حماية عرضها وشرفها، فتمّ التحكم بمصيرها في غياب حاميها سلوم، وتمّ تسليمها لابن عمها، كأنما هناك إشارة خفية عند ذكر (العمومة) وتشبيهها بالعرب الذين خذلوا فلسطين ولم يحافظوا عليها، بل ساهموا في تسليم أراض فلسطينية مهمة لإسرائيل وأخرى ضمت للأردن بعد أن تم تغييب اسم فلسطين واستبداله بالضفة الغربية.
ولم يكن اختيار الروائي لهذا الاسم اعتباطيا فقد أراده أن يكون اسما موحيا دالا، فاسم خديجة يعني التي ولدت قبل تمام مدة حملها، كذلك هي أرض فلسطين ناقصة بعدما تم احتلال جزء من أراضيها ومدنها، ثم إن ضياع سلوم وسط هذه الفوضى إنما يعكس ضياع ابن الوطن وبكائه على حقه المسلوب منه من خلال مؤتمرات فاشلة واتفاقيات غير متكافئة شبيهة بتلك التي أقامها سكان القرية يوم أعلنوا عن وفاة البطل سلوم.
البطل وبعد أن أصبح أسيرا استطاع معرفة مصطلحات مهمة في الحياة السياسية، عرف معنى الديمقراطية، ومعنى التقليد الأعمى، والتراث المتجمد، وسيئات الاستعمار، ومعنى الحرية وغيرها، يقول:
"كلام ريتشي والمدخلات التي تحاول تعبئة عقلي بها، عرفت معنى الديمقراطية ومعنى التقليد الأعمى، والتراث المتجمد، وسيئات الاستعمار الكثيرة والظلم، وحسنات الأسر القليلة".
وأدرك كم كان جاهلا بأمور كثيرة. يقول في إحدى حواراته لريتشي:
"يظهر أنني كنت أقصر تفكيرا من آفاق عقلك المنفتح على العالم، كنت إنسانا ريفيا ساذجا، ولا أنكر أنني استطعت أن أبني شخصية ترضيك وترضيني بمعاونتك".
يعكس النص الذي بين أيدينا مشاعر كثيرة متداخلة ومتناقضة في كثير من الأحيان، ما بين كره وحب واحتقار وازدراء وشفقة، كان الشعور الغالب فيها هو حب الوطن والأرض على الرغم من كل المعاناة.
كانت فلسطين الحبيبة حاضرة دوما حتى وإن لم يكن سلوم الفلاح يفهم شيئا في السياسة، غير أنه كان يكفيه أن يدرك أن فلسطين أرضه، وأن تلك الأراضي التي احتلتها إسرائيل هي أراضي أجداده، وما مجيئه لتلك المنطقة يوم أسره إلا لأنها أرض فلسطينية مهما حاول الصهاينة قول غير ذلك.
يقول سلوم حين تم ضربه بعد أن وجدوه بحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة:
"لم أعتد على أرض أحد، هذه أرضي، أنا أحب أرضي، حضرت لتفقدها ولمعرفة ما يلزمها، إننا نحب أرضنا ونستفيد منها، ولم يصدف أن تعذبت أو أصابني ضرر من زيارة أرضي واستغلالها، أرضنا أغلى علينا. كلماته متقطعة وهو يتلوى من شدة ألم ضربات التعذيب فوق أرضه".
وبعد التحقيق مع سلوم واستفزازه بكل الطرق ومحاولة استنطاقه، وبعد عجزهم عن ضبط شيء بحوزته أو نية سيئة تجاه بلدهم يتم توجيهه إلى حديقة المعسكر ليعمل منظفا لها مدة عامين قبل إطلاق سراحه على أن تقوم بحراسته امرأة مجندة لخدمة إسرائيل، كانت تدعى ريتشي.
هذا اللقاء الذي حدث بين الأسير سلوم العربي الفلسطيني البسيط التفكير وبين ريتشي المغربية اليهودية لم يكن لقاءً عبثيا أبدا، إنما أراده الكاتب أن يكون النقطة الفعلية التي ستغير مسار الرواية فيما بعد، من خلال تغيير تفكير سلوم وانفتاحه على عالم آخر، بل واكتشافه لأمور أخرى أكبر بكثير مما كان يعتقد أن الحياة تنحصر عنده.
يغوص الكاتب داخل أعماق الشخصيات ليبوح لنا وعلى لسانها بكل ما يجول في خاطرها، بل إنه ينقل لنا حتى تلك الحوارات الداخلية وإن بدت للقارئ ساذجة إلا أنها عميقة ولها مغزى يريده الكاتب، كنقل حالة اليأس والملل التي سيطرت على سلوم إلى درجة محادثته للفأر الذي يشاركه الزنزانة وكيف أن هذا المخلوق حذر جدا لدرجة أنه لا يأمن لسلوم رغم أنه يطعمه ورغم طول المدة بينهما، يقول الروائي:
"شاهد سلوم فأره الذي أصبح جارا له، تمنى لو يستطيع أن يدخله عنده يشاركه غرفته كقطة أو كلب، لكن الفأر أبى دخول الزنزانة، كان يرحب بأي بقايا طعام يلقيه سلوم له، ويقبل أن يقترب منه سلوم، لكنه كان يبتعد كلما مد يده لتلمسه، لا شك أنه فأر فلسطيني حذر، ليت شعبنا كان حذرا مثل هذا الفأر الفلسطيني، يتضايق الفلسطينيون من الفأر، لكن ليتهم تمكنوا من تعلم أساليب حفاظه على حياته وروغانه حتى يضمن بقاءه حرا في عالمه".
فكر سلوم بأمر الفأر كثيرا ووجد أن الأمر أكبر وأعمق مما هو عليه، فبقاء الفأر على قيد الحياة وإصراره على البقاء بأرض فلسطين هو بسبب حذره الشديد وعدم ائتمانه لأي كان حتى وإن قدم له الأكل والمساعدة، هذا الأمر جعل سلوم يتذكر كيف وجدت إسرائيل وكيف تم التوقيع على الهدنة وكيف غدرت إسرائيل وخالفت قرارات الأمم المتحدة، حيث صدق الفلسطينيون وعود العالم ووثق بعضهم بقرار التقسيم وبإمكانية تطبيقه على أرض الواقع.
لكن ليت الفلسطينيين، تمردوا واعتمدوا على أنفسهم وقدراتهم ولو كانت محدودة جدا، ثم لم يتحرك أي صوت عربي ينصحهم، فلو أن حكام العرب والإعلام حذروهم لفعلوا كما فعل الفأر، ولما وصل الحال لما هو عليه من احتلال لأراض فلسطين كاملة مع تهجير أهلها.
= = =
الهوامش
[1] رولان بارث، مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص، ترجمة منذر عياشي، مركز الإنماء الحضاري، ط 1،1993، ص 25-26.
[2] سعيد يقطين، السرد العربي، مفاهيم وتجليات، منشورات الاختلاف، ط 1، 2012، ص 61.
[3] تحليل الخطاب الروائي (الزمن، السرد، التبئير)، سعيد يقطين، المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة، 1997، ص 68.
[4] ميشال بورو، بحوث في الرواية الجديدة، ترجمة فريد أنطونيوس، منشورات عويدات، بيروت، لبنان، 1971، ص 64.
[5] بول ريكور، الزمان والسرد "التصوير في السرد القصصي"، ترجمه: فلاح رحيم، راجعه: جورج زيناتي، دار الكتاب الجديدة المتحدة، ج 2، 2006، ص 125.
[6] الهوية ورهاناتها، فتحي التريكي، ترجمة: نور الدين السافي وزهير المديني، الدار المتوسطية للنشر بيروت وتونس، الطبعة الأولى، 2010، ص 44.
[7] المحكي الروائي العربي، أسئلة الذات والمجتمع، كتاب جماعي، تحت إشراف منى بشلم، دار الألمعية، قسنطينة الجزائر، الطبعة الأولى، 2014، ص 153.
3 مشاركة منتدى
بنية السرد في رواية "عفان بن نومان", راوية عقرباوي الأردن | 29 شباط (فبراير) 2020 - 15:24 1
تحياتي اخي الفاضل....الحقيقه والواقع جسدته في روايتك عفان بن نومان واقع الشعب المظلو حجم الذي سلبت منه أرضه وبيته وحريته..أتمنى أن تقع هذه الروايه الرائعه في يد الثور الاهوج ترامب وغيره من ساسه العالم الذين يؤازرون دوله الاحتلال..ويبقى الامل بالمرابطين هناك فوق ثراها فلسطين الغاليه....أعود واشكرك واتمنى لك دوام الصحه والعطاء ايها الفلسطيني الوفي.
بنية السرد في رواية "عفان بن نومان", أحمد ختاوي | 29 شباط (فبراير) 2020 - 20:23 2
دراسة في غاية العمق ، تتوفر على كثير من المعايير التقنية لدراسة جادة ومسؤولة منهجيا ، تنظيريا وغوصا في تفاصيل الرواية " عفان بن نومان " للايب العربي : نازك ضمرة ، الدارسة ، الاكاديمية ، الدكتورة فضيلة بهيليل أبحرت بكثير من العمق النقدي أيضا ، وبدلالات ومناح ازاحت اللثام عن ممكن الممكن في أطاريح زمكانية ، تنم على أن الدارسة الدكتورة فضيلة بهليل تمتلك ناصية الانصياع بوعي دارسة لمجريات المد الكوني في هذا العمل ( عفان بن نومان ) الدرسة ، الناقدة فضيلة بهيليل بهذه الدراسة الجادة سجلت تموقعها بامتياز في المشهد النقدي الانساني ، والأكاديمي في ذات الاوان. مزيدا من التموقع ، أستاذتنا وناقدتنا ، فضيلة بهيليل .. مسارك من خلال هذه الدراسة يسير بتؤدة الوعي الادراكي في مرتكزاته البنيوية ، التفكيكية وغيرها ، مما ينم أيضا أن الدارسة تتوفر على مقاييس وتتحكم وتلجم تضاريسها في التعاطي مع كل الاجناس / سردا شعرا وغير ذلك من الاجناس الأخرى ، وهي مؤشرات طواف جاد في سيرورة تبشر بمؤشر واعد في سماء النقد ، طوبى للمشهد النقدي بمؤشرات وأسانيد الدكتورة ، الناقدة فضيلة بهليل ، كبير تقديري كمتلق طبعا ، وطوبى لنا وللمشهد النقدي بهكذا طاقات ومؤهلات من حجم الدارسة الجزائرية فضيلة بهيليل ، موفور السؤدد والتألق .دكتورة
بنية السرد في رواية "عفان بن نومان", مصطفى إنشاصي/فلسطيني | 3 آذار (مارس) 2020 - 07:12 3
شكراً للدكتور فضيلة بهيليل على هذه القراءة الجميلة الممتعة للرواية وتقديمها بأسلوب يشد القارئ لمتابعة المقالة لنهايتها .. والشكر موصول أيضاً لصديقي العزيز أبو خالد على هذه الروعة في السرد القصصي، التي أظهر فيها قدرة على الخيال وتصور التفاصيل في قصة ليست حقيقية مائة في المائة، وإن كانت بشكل أو بآخر تختزل معاناة شعب بكامله في شخصيات الرواية الرئيسية، مَن يستطيع تخيل مشاعر وحالة سلوم النفسية والعقلية والعاطفية وما فاض به خيال القاص عن تفاصيل التعذيب والغرام والتعارف والعمل في معسكر الاعتقال ثم الحكم عليه سنتين، وبعد اتمام الحكم سنتان وأطلق سراحه وعاد لأهله يجد زوجته تزوجت من غيره وهو اليتيم الفقير، مَن يستطيع تخيل حقيقة معاناة ذلك الفلسطيني ومثله كل فلسطيني فلكل قصته الخاصة التي تحوي ألواناً من العذاب والمعاناة .. كل هذا من خيال الكاتب وأتصور كيف أن الناقدة الدكتورة فضيلة بهيليل شدتها اللغة والتسلسل والوصف لدرجة أنها انقطعت عن عمل أي شيء لثلاثة أيام، وقالت أنها لم تستطيع أن تفارق سلوم في محنته تريد أن تعرف سعادته حين يعود إلى خديجته ...
كما أرجو معذرتي لضعف لغتي ومعرفتي بالجانب الأدبي والروائي، فسأبدي رأي بكل تواضع:
سلوم: ما حدث معه صورة مصغرة لما يلقاه الفلسطيني من آثار فقدان الوطن وما ترتب على ذلك من معاناة وفقر وعذاب .. وما يلقاه من عدو غاشم لا يرحم يتلذذ بتعذيبه وضربه وزيادة معاناة الفلسطيني إضافة لاحتلاله لأرضه .. وإن حكم عليه سنتان دون ارتكاب أي عمل مقاوم ومجرد أنه لم ينتبه ودخل أرض محرمة، فما بالنا بالفلسطيني المقاوم؟!
ريتشي: اليهودية العربية المغربية شفقتها أو تعاطفها مع سلوم قد يكون شفقة على نفسها وتكفير عن ذنبها وأهلها وكثير من اليهود العرب الذين خدعوا بالصهيونية ودعايتها عن الأرض الموعودة وواحة الديمقراطية ودولة كل اليهود، ولكنهم صدموا بالحقيقة والتفرقة العنصرية واختلاف العادات والتقاليد عن البيئة العربية اﻷخلاقية التي تحترم المرأة لذاتها وليس لجسدها أو ما يشبع الجندي لنزوته من زميلته المجندة، فتحن لذلك الماضي الذي افتقدته في كيان العدو الصهيوني
بعد الإفراج عنه وعودته: وتفاجأ بأن زوجته خديجة التي يحبها وتحبه تزوجت ابن عمه ظناً أنه مات، تصور كم من الأحباب نفقد، حالة الضياع التي عليها الفلسطيني لا بيت يقيم فيه، لا حبيب يطمئن لمواصلة الحياة معه باطمئنان، لا ... كثير يصعب التعبير عنه أو إجماله في رواية أو مقالات لا يشعر به إلا الفلسطيني
أجمل ما فيها النهاية المفتوحة على كل الاحتمالات وأهم احتمال حالة الضياع وأنه لا شيء ينتهي نهاية طبيعية مع الفلسطيني
تحياتي