ما بال هؤلاء القوم؟ منذ فتحت عينيها للمرة الأولى وجدتهم يحيطون بها، مجموعة من العمالقة، أشكالهم غريبة، ويصدرون أصواتا مخيفة. أحدهم يمد يده نحوها يريد أن يلمسها، فتنهره عملاقة أخرى تفوقه حجما. قد تكون أمه، لا بد أنها كذلك. وأخرى تقفز وتصفق بيديها، وشعرها الذي هرب من أنحاء جسدها ليتدلى من فوق رأسها كأنه أذنان كبيرتان يقفز معها. وآخر يضع شيئا مخيفا على عينيه يزيد من ضخامتهما. وأشياء غريبة مترامية بأنحاء الصندوق الذي يعيشون فيه. أي نوع من الكائنات هم؟ مخيفون، ومملون حد الضجر، لكنها ترى بهم شيئا (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
لو أنه لعق يده
1 كانون الأول (ديسمبر) 2007, ::::: داليا الحاج -
الحقيبة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: فنار عبد الغنيلم يكن هناك صوت سوى وقع حذائها الثقيل على الرصيف المتشقق، المغمور بالمطر من كسر وحشة ذلك الصباح الرمادي، وبعثر نباح الكلاب البعيدة، ومواء القطط الجائعة المتربصة عند مدخل الميناء البحري القديم وهي تغادره كالضوء إلى حيث لا تدري.
شفتاها الزرقاوان، المرتعشتان، كانتا تتمتمان أدعية الصباح. يدها اليمنى الحادة التجاعيد، كانت تقبض على حقيبة سوداء، تمسك بها وكأنها تمسك بكف طفلة ضريرة. سلكت الطريق الفرعي المؤدي إلى موقف الباصات بأقصى سرعتها، محاولة إخفاء شيء ما، دائمة الالتفات حول نفسها، لا يرافقها (…) -
مصيدة
1 أيلول (سبتمبر) 2008, ::::: بدر الدين عبد العزيزكنت دائما ما اعتقاده صديقي، وعادة ما أراه صديقي، هو غالبا ما يكون صديقي. نلتقي أحيانا ونتسكع سويا بشارع البلدية الفقير بواجهات محلاته الجرداء، سوى بعض معارض الآليات التي تعمل بالكهرباء لرفع وضخ المياه.
ثم كنا نجلس على القواعد الخرسانية المتناثرة بفناء أتليه الغاص بمثقفيه، بأعماق السوق الإفرنجي المتلاشي والموارى خفية من عيون الأعراب. وأحلى نزهاتنا كانت على رصيف سور الجامع الكبير، حيث الباعة المتجولون وعارضو الكتب القديمة على رصيف سور الجامع الخارجي والمتسولات الصغيرات الرائعات يجبن ضيق (…) -
من دفاتر المنفى: آلام الأمومة
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: أميمة أحمدكانت بايا متعبة حد الإرهاق في تلك الليلة الباردة في عز الشتاء من شهر كانون الثاني/يناير، فقررت النوم باكرا. ليس من عادتها أن تنام الساعة التاسعة والنصف. مضى زمن بعيد على تلك المواعيد المبكرة في النوم، يوم كانت تعمل مع إذاعة عربية. عندئذ كان لزاما عليها الاستيقاظ باكرا، في السادسة على الأقل لتقرأ الصحف وتعد تقريرها قبل الثامنة. أما الآن، وبعد العمل مع إذاعة غربية، الأمر يختلف تماما، ولعله يتلاءم مع طبيعة بايا التي كانت لا تنام قبل الفجر.
اليوم كان قراراها خلاف مألوف عادتها. همت بالذهاب إلى (…) -
انفجار
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: زكي شيرخانفجأة، أصبحت الظلمة حالكة. سكتت الأصوات، وأطبق السكون على كل شيء. المكان اصبح مجهولا. والزمن صار بعلم الغيب. توقفت الحركة، وسكن كل شيء. وبدأ الانكماش.
حاسة اللمس هي الأخرى فقدت فاعليتها، ولم تعد تميز الأشياء. بين المكان والزمان المعاشين هذه اللحظة وما قبلهما فقدت الذاكرة قدرتها على الوصل؛ وفقد العقل هو الآخر قدرته على إحصاء وحدات الزمن.
صور تراءت، دم (الرجل) ما زالت تصطبغ به الذاكرة، ومشاهد مواراته الثرى هي هي لم تتشوه.
جيبوتي في طريقها إلى الاستقلال. بيروت الممزقة الأوصال. الطائرة (…) -
هنا لا صوت للسّماء
1 حزيران (يونيو) 2016, ::::: شيخة حليويسيّدي القاضي، بنصل قلبي أصنعُ السجّادة.
يدي ليست سوى رسول يتقنُ فنّ البشارة، أقصد طبعا فنّ حياكة اللوحات الملوّنة.
انثر على فراغها ذاكرة لحمي الهشّ وأوقّع ذيلها بوردة من دمي. تستطيع أن تراها إذا دقّقت النظر في أسفلها الأيمن. ألم تُعرض عليكَ وهي الدافع لجريمتي كما يسمّيها مجلسك الكريم؟ وردة حمراء لا تذبل أبدا، بل تزدادُ إشراقا مع الأيّام، هي عيني التي تراقب روح الألوان.
بنصل قلبي أحرّر الخيوط الملوّنة وأترك لها ممارسة الحبّ بحريّة. أعينها فقط على المرور من ثقب فراغ. رغم وثاقها البعيد (…) -
تــواطـــؤ مـشـبــوه
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: آمال يحياويأكثر الموت ألما حين تضحك وعيناك تبكيان، وتكذب وأنت الصادق.
لا، لا تصدق أن أحلامك اللذيذة يمكن أن تمسح الغبار عن حقيقتي المرّة. لا تصدق أنك يمكن أن تختطف اللقمة من فم الأسد كما يقولون، أو أننا يمكن أن نتفق ونجلس عند مائدة عشاء واحدة، ملونة ببذخ الحياة، وبذخ حب صبياني مشوه، وأن نبضنا يمكن أن يهتز على الوقع نفسه.
لا، لن نلتحم. ما زالت الأشواك تنبت بغزارة في دربك إلي، ما زالت تخدش جموحك لاحتوائي، تعري أوهامك، تفضح نشوتك الحيوانية الساذجة.
لا، لن نلتحم. لن نخمد نار الواقع بلهيبها المتعالي (…) -
ثلاث ابتسامات
1 آذار (مارس) 2020, ::::: فنار عبد الغنيالابتسامة الأولى الحسناء ذات السبعة عشر ربيعا، الجالسة بقربي في سيارة الأجرة، لم تتوقف شفتاها عن التبسم لي، منذ أن ألقت بجسدها الهزيل والمتعب فوق المقعد الخلفي للسيارة، بينما جلس الشاب الذي كان برفقتها في المقعد الأمامي بقرب السائق.
كانت ابتسامتها الساحرة، التي لم أنسها، قد خففت من شحوب وجهها الهزيل. هي جميلة رغم شحوبها وهزالها وصمتها وملابسها القديمة الطراز.
كانت ابتسامتها تطغى وتتحدى الفقر الذي يبدو عليها. ليتكم ترون تلك الابتسامة التي تثب من عينيها الزرقاوين.
شعرت أنها ترغب في (…) -
وجع المكان
25 شباط (فبراير) 2014, ::::: زهرة يبرمما أن ضغطت على جرس الباب الخشبي الضخم العتيق حتى هرول لفتحه واستقبالي ثلاثة صبية بكل ما يحملون من براءة الطفولة ومن كنوزها المخبوءة فيهم. فتحت ذراعي على مصراعيهما، انحنيت قليلا وأخذتهم ثلاثتهم في حضن واحد وأمعنت فيهم تقبيلا بكل ما يكنه لهم قلبي من حب وشغف. إنهم أبناء أخي أحمد.
دون شعور مني ولا تفكير قادتني قدماي إلى الطابق الأول. توقفت حيثما أراد لاشعوري أمام غرفة بعينها. أدرت المفتاح الساكن في ثقب بابها. لفحتني رائحة الرطوبة وأنا أخطو أولى خطواتي داخلها. أسرعت إلى النافذة المقابلة لعين (…) -
في عيادة طبيب يُضحك
1 كانون الأول (ديسمبر) 2019, ::::: فنار عبد الغنيأخذ يصوب نظراته الحادّة على تفاصيل وجهي بعينين متحجرتين غائرتين خلف نظارة طبية سميكة. كانت ملامح وجهه متشنجة، وقد ألقت الإضاءة الضعيفة في الغرفة عليها شيئا كبيرا من الغموض. وأعتقد أنه تعمد أن يجعل الحجرة نصف معتمة.
كان يحاول إثارة قلقي من خلال التحديق الطويل في قسمات وجهي. استغرق فحصه وقتا طويلا وهو لا يزال يحافظ على نفس الهيئة. قاس ضغطي وأنصت إلى نبضي في لمح البصر ولم يتفوه بربع حرف.
لم يكن هذا الطبيب معروفا رغم تقدمه في السن ورغم وجود عيادته على طابق أرضي في بناء قديم يشرف على شارع (…)