عاش السلام
انطلقت من حظيرة الدّواجن، تسلّقت الحائط، بلغت الطابق الثاني، وصلت إلى الشّرفة، تسللت من الشرفة إلى بيت العجوز، واختبأت في المدفأة.
العجوز تعيش بمفردها، بعد أن تزوجت حفيدتها، وتركت لها قطّا يؤنس وحدتها، ذلك أنّ زوج الحفيدة يهيم بزوجته، لكنّه لا يطيق القطط.
كانت الحفيدة تعتني بالقط، تطعمه الحليب واللحم المسلوق، وتطهو له السّمك، وأحيانا تخصّصه بالأطعمة المعلّبة، وقضامة اللحم المجفف. لم تكن حاله حال باقي القطط الزّريّة الضّالةّ في الشوارع والأزقّة، تلك الّتي لا تتردد أبدا في (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
عاش السلام + بطاقة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: إبراهيم يوسف -
سبع لفات بخيط أبيض
1 آذار (مارس) 2011, ::::: محمد بروحوأطرق باب البيت كالعادة وأظل وراءه منتظرا لوهلة خالتي فطوم كي تفتحه على وجهي.
كم كنت أستعجل اللحظة، وأنا أدرك بأنني كلما حضرت إلى بيتها إلا وقمت بزيارة أُنس وألفة لخمِّ الطيور، كان يوجد فوق سطوح البيت، تعج بداخله طيور كثيرة ومختلفة.
كان الخمِّ يحوي أنواعا من طيور تجمعت داخله، ديك رومي وبط ودجاج. كم أحببت أن أقضي أمسياتي الجميلة التي أحضرها هناك، فوق السطوح، أطعمها من حب الزرع والذرة ما تملأ به حوصلاتها، وأسقيها ماء زلالا يروي عطشها.
تلتقط الحبّ حبة حبة، وترنو إليّ كأنها شاكرة لي صنيع ما (…) -
ربات التمرد
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: رحاب الصائغمكتب المدير في الطابق السابع. غرفة مكيفة. سكائر من نوع جديد. تمر عليه بين الفنية وأخرى السكرتيرة بفستانها الزهري. تنفخ علكة أجنبية خارجة من فمها كالبالون. ترفع سماعة التلفون. وتعلن للمدير عن وجود ابنته غادة. قدماه يغوصان في الحذاء المبطن. يومئ لها برأسه المغطى بالشعر المصبوغ.
تدخل غادة كالأميرة. شابة وسيمة تعشق الكلاب، وتبحث عن أفضلها أثناء تجوالها في البلاد. بغنج تناديه: "بابا" تاركة عفويتها المتشحة بالعزلة، مثل غزال شارد يصعب صيده.
حدث أمر ما أمس، واليوم قلبي يلوك اللعنات على كل لحظة. (…) -
جدتي والجامع وعبق الياسمين
25 تموز (يوليو) 2013, ::::: ذكاء قلعه جيلبست معطفها الأسود، وأحكمت ربط برانيلها (*) حول رأسها ثم شدته بقوة لتتأكد من إحكام ربطته، ثم مدت يدها إلى طبق الياسمين، وقبضت منه قبضة، ودستها في صدرها.
ثم قالت لي: "هيا لنذهب".
سألتها ببراءة الأطفال: "إلي أين يا جدتي؟" "سنذهب إلي الجامع الكبير. لقد نذرت أن أقرأ ثلاثة موالد على روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم". "الجامع الكبير؟"
وكدت أطير من الفرح، فلطالما سمعت عنه، ولطالما رأيت جدتي تعقد برانيلها ميممة شطره، وكم رجوت أمي أن تسمح لي بمرافقتها. وباختصار كان ذهابي إلى هناك حلم (…) -
رقابة
1 حزيران (يونيو) 2021, ::::: فراس ميهوبوصل هذا الصباح، مبكرا كعادته، طلب من حاجبه فنجان قهوة:
= على الرأس والعين، تكرم يا أستاذ، خمس دقائق ويكون جاهزا.
استقر الأستاذ مصطفى بالكاد على كرسيه المريح، تبعه سكرتيره:
= اتصل مكتب السيد الوزير، طلب لقاءك في الخامسة عصرا.
أشعلَ سيجارَه الفاخر، رفع عن رأسه طاقيته الصوفية الحمراء، أخرج مرآة دائرية من درج مكتبه، تأمَّل بثقة عالية وجهه الورديَّ الممتلئ وشاربيه الخشنين، أصلح ربطة عنقه، ابتسم لنفسه بخبث. تساءل في سرِّه:
= ماذا يريد السيد الوزير، هل سيعينني أخيرا معاونا له، أم سيزودني (…) -
أمام كل امرأة عظيمة رجل
1 آذار (مارس) 2011, ::::: ظلال عدناندخلت غرفة الجلوس تحمل بيدها اليمنى صينية خشبية بُنية وقف بها فنجانان متغايران في اللون، أحدهما أصفر رُسم عليه وجه باسم تتناثر حوله قلوب صغيرة، والآخر لونه فسفوري عليه وجه ذو كشرة لم تفارقه منذ أن اشترياه قبل عشرة أعوام، كانت تحاول جاهدة ألا تنسكب القهوة السوداء من بين شفاه الفنجانين، فتلوث الصينية وتُعكّر مزاجها؛ فهي تكره شرب القهوة بعد انسكابها رغم كل الاعتقادات السائدة المبشرة بخير عند انسكاب القهوة.
يدها اليسرى تُحيط طفلتها الباكية جوعا، تمتد قدمها اليمنى تسحب الطاولة إلى منتصف الغرفة، (…) -
مرايا
25 أيار (مايو) 2013, ::::: محمد التميميكان صانع مرايا؛ يُشكل ويَصقل مختلف الأشكال والأحجام وحتى الألوان من المرايا، لا تخفى عليه واردة أو شاردة في هذه المهنة؛ فهو منذ أربعين عاماً او يزيد في هذا الكار.
في كل مرة ينتهي من صنع مرآة، ينظر إليها فتكشف له عن أدق تفاصيله؛ شعرات لحيته البيضاء وما تخفيه من جرح قديم بفعل مرآة مكسورة أول عهده بالمهنة، وتفاصيل وجهه وخطوط الزمن فيه.
لكنه كان يريد هذه المرة انعكاس شيءٍ آخر، غير تفاصيل جسده. يريد غير صورة اللحم والدم التي تعكسها هذه المرايا منذ أربعين سنة أو يزيد، يريد من المرايا أن تعكس (…) -
"شكّ" في سيارة الأجرة
1 حزيران (يونيو) 2018, ::::: مرام أمان الله. كانت الطريق تنزلق ببطء شديد تحت سيارة الأجرة. حتى المباني من حولها لا تكاد تتحرك؛ ربما لضخامتها وعلوها الشديدين، أو ربما كانت تتمنى أن تطير بسرعة بعيدا عن ذلك المكان.
كان السائق يقود بارتخاء سارحا في خياله وكأنما يقلّب همومه، أو يعدّ الوقت انتظارا لساعة الإفطار.
سألها مكرِّرا: "إلى أين؟"
فكّرت مليا، ثم أجابت بتردد: "إلى المطار".
صمتت قليلا ثم قالت: "إلى أقرب شاطئ، لا يهم".
فما كان للسائق إلا أن يهز رأسه بصمت ويكمل قيادته الهادئة.
كل شيء كان بطيء التحرّك من حولهما، حتى أنّ (…) -
هوى سادس وفتان
1 آذار (مارس) 2008, ::::: بسام الطعانالعالم كله من حولي مبتهج بالربيع الذي يأتي بنسائمه ووروده، ويمنح راحة النفس والبال لكل خلق الله، وأنا وحدي شارد وحزين، ونفسي حقيبة مكتظة بالكآبة والحسرات.
في يوم من أيامي الحيارى، هربت من مارد الشقاء، ومن قسوة أهلي عليَّ، درت في الجهات من غير بوصلة أو دليل إلى أن جاء الأصيل، وكان التعب وقتئذ قد هزمني وأحالني إلى كومة من لحم.
جلست على ضفة نهر حزين مثلي، يتدفق بعسر ومحتقن بنفايات الصرف الصحي، ضمدت جراحات عمري، ومع لفافة أشعلت فتائل أحلامي، نفثت الدخان فانتشرت من حولي دوائر زرقاء، وفجأة (…) -
تــسـاؤلات
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: منال الكندي"أنـا أفـكــر إذن أنـا مــوجــود" (رينيه ديكارت، الفيلسوف الفرنسي)
ينفث دخانه قرب نافذته وكأنه بنفثه يطرد الهموم الجاثمة فوق صدره، يطرد عن رأسه تلك الأفكار عن كل شيء وحول كل شيء: حبيبته التي هجرته للبحث عن حياة أفضل مع رجل الضمان لديه بنك جيوبه.
فقد الأمل في أن يحصل على فرصة عمل واحده بعد أن تشقق حذاؤه بحثا وتنقلا من مكتب، لوزارة، لشركة. وهو يرى أمامه الإعلانات والبرامج برنامج تلو الآخر: فرص عمل وطرق للنجاح. بائعو الآمال والأحلام التجارية التي فرصتها في البقاء لتختمر ربع ساعة لا أكثر. (…)