على مدى عمري الذي تجاوز الثلاثين، لم ألتق بشخص يطابق اسمه صفاته بالشكل الذي عليه السيد غضبان. السيد غضبان، الأربعيني، يغضب بسبب وبدونه. متجهم، متبرم، شاكٍ من كل شيء ومن لا شيء. وسامته وأناقته خادعتان لأكثر الناس فراسة إن لم يتحدث. جمعتني به الوظيفة التي سبقني إليها بما يقارب العقدين. موظف، باعتراف الجميع، مواظب، متمكن من اختصاصه، مخلص في عمله، حريص. لا أحد يستطيع العمل معه بسبب التوتر الذي يخلقه بسلوكه مع الآخرين. في بداية تعيني كان لا بد وأن أكون معه في نفس المكتب لاكتساب الخبرة، كما قرر (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
السيد غضبان
1 كانون الأول (ديسمبر) 2020, ::::: زكي شيرخان -
امرأة في حيرة
26 كانون الثاني (يناير) 2016, ::::: طه بونيني"العَالــَمُ يَتَدَاعَى، يَهوِي بسُرعَة نَحو هُوةٍ سَحِيقَة". قالت سميرة التي تشاهد الأنباء وقد أتمّت لتوّها تحضير الغداء، وهي تتحدّث إلى زوجها الذي يبدو منشغلا بتحضير السَّلَطة وهو يُدَندِن.
"هل أصغيتَ إلى نشرة الأخبار؟" تسأل سميرة، وهي تريد إقحام وليد في الموضوع بالقوّة. وأجاب:
"الحياة فنّ، أفضّل التفكير فيما يريحني. هذا خير لي وللعالم".
وأخذ يقطِّع حبّةَ جزر بسرعة فائقة، وطبع كلامه بغمزة خفيفة تلاءمت مع ابتسامة عريضة، وكأنّه يفتخر بتقطيعه السريع للجزر على طريقة الطهاة المحترفين. (…) -
سر مؤجل + عوده متأخرة
25 آذار (مارس) 2014, ::::: نورة صلاحعوده متأخرة
أقتل الملل بقراءة رسائل قديمة خطتها أناملي في لحظة فرح بك، أسرق أحاديثي معك قبل أن يأكلها النسيان، أو يصل العطب إلى ملفها في حاسوبي فلا أعود قادرة على قراءتها، أحتفظ بنسخ احتياطية منها أهمها نسخة في خزائن الروح.
عاد الشتاء بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر، ليلتها عدت لتطمئن على زهرة ذبلت، سألتني عن صحتي، عملي، مأكلي ومشربي وإلى ما آل إليه وزني، وما بين كل سؤال وإجابة يسود الصمت، عدت تسأل عن جرحي هل ما زال ينزف، وهل ما زلت أحبك، ونلوذ في صمت من جديد.
في ليلة ماطرة جاءني هاتفك بعد (…) -
إحباط
1 حزيران (يونيو) 2022, ::::: زكي شيرخانمجلسها على الرصيف أمام المقهى التي اعتادت ارتيادها، اتخذته، وأمامها قهوتها، وفي يدها سيجارتها، تراقب المشاة باتجاهين، وكذا الحافلات الحمراء. قبلها، وعندما كانت تتناول إفطارها البسيط في الفندق الذي لا تغيره كلما زارت لندن، اتصلت صديقتها مُخبرة إياها أنها ستكون عندها الساعة العاشرة. ألقت نظرة على ساعتها، أمامها ما يقرب من ساعة. الجو، حسب الأنواء الجوية، سيبقى مشمسا، ربما إلى الليل، وهذه فرصة للسير على الأقدام لمسافات طويلة.
رغم الألم الذي يجتاحها، تصر على قضاء أيامها المعدودة في الفندق ذاته، (…) -
خسارات
1 آذار (مارس) 2018, ::::: نازك ضمرةهل أتاك حديث قومي؟ أجمعوا أمرهم على تجريمي ورجمي. هجروني في البداية، لم أعبأ بكل ذلك، أعيش قدري وظروفي. تجمهروا حول البيت، جاؤوا من كل حدب وصوب، تلاقت عيونهم وتواصلت نواياهم.
همهم البعض منهم وفي نيته تصرفات خاصة، وآخرون طمعا في جسدي، وغيرهم حقد قديم أو بلا حكمة، المهم إن معاداتي جمعتهم هذا اليوم وعلى غير عادة.
أهلي ومن لف لفهم من مجتمعهم لا يتفقون عادة ولا يستفهمون، وتدميرهم في خلافهم وتدبيرهم، لهذا نرى القوم في حيرة وهزيمة دائمة، يطمع الغير بهم، ويتحالفون مع أعدائهم ضد بعضهم، فهم دائما (…) -
طفلة من المستقبل
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2015, ::::: زهرة يبرمالقصة متخيلة.
زمانها: على مسافة سنين من الفوضى الناجمة عن الحروب في البلاد العربية.
مكانها: بلاد اللجوء على الضفة الأخرى من البحر.
بطلتها: طفلة من جيل ولد في منعطف الضياع.
هبط ليلٌ آخر على الدنيا، الهواء بارد حد التجمد وجاكلين لا تزال تتسكع في شوارع إحدى المدن الكبرى لا تعلم أين ستبيت ليلتها. جسدها خدر من البرد، وعضلاتها النحيلة ومفاصلها تؤلمها. لم تأكل شيئا منذ الصباح حتى صارت أمعاؤها تصدر أصواتا كنقيق الضفادع. كل نفس من أنفاسها يتكثف أمام عينيها ويتحول إلى ضباب.
مضت أيام عديدة (…) -
أحلام موؤودة
25 نيسان (أبريل) 2014, ::::: زهرة يبرمهيأت نفسها للذهاب إلى عملها، كما هيأت ولديها الصغيرين اللذين اعتادت أن تودعهما دار الحضانة كل صباح في طريقها إلى العمل. تذكرت أن سائق السيارة العجوز قد تقاعد، وأن سائقا بديلا سيبدأ مهامه اليوم. تمنت على الله أن يكون طيبا وخدوما كما كان سابقه.
في حي من أرقى أحياء المدينة وأمام منزل تبدو عليه علامات الفخامة، ركن السائق الجديد السيارة حسب العنوان المحدد له من طرف مستخدمه صاحب الشركة التي استلم بها وظيفته هذا الصباح.
أطلق من بين شفتيه صفيرا طويلا بنفس واحد وهو يقلب ناظريه في الحديقة الغناء (…) -
فراشة الصنوبر
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: منجي العيساويعبرت سلمى غابات الصنوبر الخضراء ورائحة الإكليل والزعتر تملأ رئتيها. حثت الخطى مزهوة بدفتر الأعداد منتشية بتفوقها. سارت في المسارب الضيقة بين الأشجار والصخور الملساء. اغتسلت من ماء العين المنحدر من أعلى الجبل. رفعت رأسها إلى أعلى. نظرت إلى قمة شجرة الصنوبر المقابلة. رأت سرب الفراش في الموعد. نطت البنت فوق حجر الطريق الأملس الذي خبرته منذ سنين فتبعها محلقا فوق رأسها الصغير كما ألف منذ زمن.
أطلت بوجهها الغض وقد تصبب عرقا على أفراد أسرتها تزفهم بشرى نجاحها الباهر والأمل الحالم يغمرها ممنية (…) -
الغادية
1 حزيران (يونيو) 2017, ::::: فنار عبد الغنيجسدها الهزيل العجوز، الناتئ العظام، ذو الحدبة الضخمة البارزة، يتقدمنا جميعا. الداني منها يرى الحدبة الضخمة كجبل عظمي صغير، وهي تسير ببطء شديد، تقدم خطوة قبل الأخرى، فيتحرك الجبل العظمي ببطء. هي والحدبة تظهران كجبل هزيل، مركب من كتلتين عظميتين، تعلو إحداهما الأخرى، تتحركان معا وتتوقفان معا وتتقدمان معا وتعرقلان حركة الشارع.
هي جبلان بشريان يتوسطان الشارع الرئيسي في المخيم الذي يكون كعادته في مثل هذا الوقت، مزدحما بالمارّة من عمال بؤساء يسارعون الخطى للوصول إلى ورش أعمالهم قبل بزوغ الشمس، (…) -
إمرأة بلا دموع
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: فنار عبد الغنيالفضاء البعيد، المضيء بنجوم مبعثرة، الرائع بسكونه الصيفي، لم يزد صدرها إلا خفقانا. ودقات ساعة ضخمة، قديمة الطراز تتوسط الصالة الكبيرة في البيت جذبت أعصابها المشدوهة بقوة: "إنها الثانية صباحا. لا بد أنه قد وصل الآن."
تنهدت ببطء شديد وهي تتكئ على الجدار قبل أن يجرها العطش إلى الثلاجة. شربت وشربت وشربت ولم تشعر بأي برودة في جوفها. تابعت صب الماء فوق رأسها ووجهها وعنقها ويديها، لكن دون جدوى. لا زالت تشعر بالظمأ وبدبيب حمى مشتعلة في كل عروقها.
عادت إلى الرواق الطويل تدور فيه شرقا وغربا، تسرع (…)