أطل من غرفته الصغيرة فرأى حمامة بيضاء تجلس على غصن لوز اخضر، أخذ يستمتع بهذا المشهد الذي أثار في نفسه معاني جميلة وذكرى حب قديمة، أحس بنشوة الفرح تسري بين جوانحه، وصار عنده للحياة معنى آخر لم يتذوقه منذ أمد طويل.
إنه التفاؤل والأمل الجميل الذي يدفع الإنسان إلى حب الحياة، إنه لأول مرة يرى حمامة عن قرب وهي لا تراه. كان مغتبطا غاية الاغتباط وهو ينظر إليها تمارس إرادتها بكامل الحرية، تسجع حينا وتلهو حينا آخر بالتحرك بين عيدان الغصن الأخضر الذي زادته الأمطار الأخيرة نضارة واخضرارا، فقال في (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > نصوص عامة
نصوص عامة
المقالات
-
لحظة انتظار
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: إبراهيم دشيري -
خشب قديم
25 أيار (مايو) 2011, ::::: هدى الدهانفي لحظة حنين أرسلت لها رسالة. كنت وحيدة ومريضة. استمر مرضي قرابة شهر كامل حتى خضعت لعملية جراحية أنهت تلك المعاناة. اشرف على علاجي أناس يتحدثون بنفس لغتها فتذكرتها. صديقة قديمة، أو هكذا كنت أراها. لم أكن أرى أو افهم. كنت كطفلة تتمسك بلعبتها حتى وإن بليت.
يومها تذكرتها وتذكرت خلافاً كانت قد افتعلته لِتُنهي تلك الصداقة. وقتها كان يوما شتائيا. وكنت قد اقتصيت ركنا بالمرآب، انا وزميلتان، نتدثر بسيارة صغيرة بانتظار الشخص الذي سيقلنا. بقينا هناك قرابة الساعة، بعدها خرج الجميع وذهبوا كل إلى بيته. (…) -
ما كذب القلب ما رأى
1 حزيران (يونيو) 2021, ::::: وهيبة قويّةحطّ عصفور على جدار الحديقة صامتا هادئا، وبعينيه الصّغيرتين نظرةٌ ثاقبة وجّهها إليّ وهو يقول:
= إذا رمتِ صفو البصيرة فانظري أبعد ممّا تراه عيناك.
= ها أنا أنظر بعيدا وأرى حدود الأفق. فماذا بعد ذلك؟
= أعيدي النّظر، وتأمّلي.
= هو الأفق، آخِرُ ما أرى.
= عليك بعين القلب. فرُؤاها أبعد ممّا تراه العين. ورؤاها لا تكذب.
كان العصفور يحدّثني واثقا وكنت أحاول استدراجه ليحطّ على جدار القلب ويعلّمني نشيد الفجر، وكان يستدرجني ليعلّمني قراءة الأفق البعيد. وجّهت نظري إلى حيث ينظر. كان الأفق خطّا (…) -
ولادة من خاصرة الحرف
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: غانية الوناسوأنا أمشي أتعكز على قلم يتنفس حبرا ثائرا لا يهدأ، لا يستكين أبدا، ينتفض كل لحظة كي يعلن استقلال الكلمات، غير آبه بكل ذلك الضباب الذي يغلف الحوارات واللقاءات، تلك العلاقات التي تبدأ وتنتهي بمجرد الكلام والإفصاح، مجردا من حلكة الظلام المترامي في كلّ الأمكنة المتاحة بصمت مطبق، مفعم بالخوف الكثير، ذلك الخوف الذي لا يغادرنا مهما تملكتنا الشجاعة، ومهما اصطنعنا الجرأة، ملتو إلى الحدّ البعيد للمدى، حالك في حضوره يلفه سواد الليل المعتم، أسود لا يمنحه فرصة النظر إلى الأمام، فرصة الانبثاق من نور (…)
-
شجرة اللوز
23 نيسان (أبريل) 2016, ::::: شيماء غفارثمة ما يخبرني أنه علي أن أكتب الحزن دوما، وأجعل من أحرفي تلك مرآة كبيرة تعكس انكسارات القلوب وصخبها.
من قال إننا نقرأ لنفرح أو نستريح؟ نحن نقرأ لنقارع الحزن؛ و خير أسلوب للمواجهة هو الاعتراف. علي أن أفهمهم أنهم بشر لا أكثر، وأن عليهم أن يدركوا أن عقارب الساعةِ سامة، تودي بساعاتِ العمر وتقرب الموت.
ثمة ما يخبرني أنه علي أن احكي للآخرين حكاياتِ زرعت في صدري، ونبتت شجرة لوز لا تهدي عطرها سوى العاشقين، ولا تظلل سوى العابرين إلى الموت.
أنتِ بداية الحكاية، حكاية الصبية الجميلة طويلة الشعر (…) -
قلب من سحاب
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: غانية الوناسولكنني كنت أحب الحياة، لم أكن بعد قد ضجرت منها، ربما أصبت بحالات ملل عادية، كتلك التي تصيب كل الأشخاص، ربما واجهت مشاكل كثيرة، وربما خيبات بالجملة وانكسارات كثيرة، وخذلانا من المقربين.
لم أحقق الكثير في حياتي، لم أحقق كل الذي كنت أرغب به، كلّ أحلامي وآمالي، لكني لا زلت أحب أن أعيش وأحيا، لا زلت أحبّ الحياة نفسها بشدّة، وأحبها كل يوم أكثر، لا أريد الموت، أريد أن أعيش المزيد من السنوات، ليس لأني أخاف الموت، فمنذ يتمي الأول، ومنذ زمن الحروب التي لا تنتهي، لم تعد ترهبني فكرة الموت كشيء طاغ، (…) -
لقاء في عمان
25 كانون الثاني (يناير) 2013, ::::: هيام ضمرةكثيراً ما يلعب القدر الجميل لعبته في اختيار الصحبة الأجمل والصداقة الأوثق، نمضي في سقاية بيداء التقارب إلى أن تصبح حديقة غناء تجود بكل جمال، ننتشي ونصوغ للود حواراً وارف الأفنان، ونقطف للحرف عذوقا مترفة بالاخضرار الندي.
وهذه صديقتي الرائعة هدى قمحية، كانت أنذرتني هاتفياً بوصولها ظهر اليوم التالي إلى عمان، قادمة من نابلس عبر جسر الملك حسين. ونابلس مدينة الخضرة المتدرجة والجمال المعمر بالذاكرة، التي أشعلت قمم جبالها على الدوام بانتصارها للحق والنضال من أجل الحرية والحياة، فسميت جبل النار (…) -
مناظرة ميتافيزيقة
1 أيار (مايو) 2008, ::::: بدر الدين عبد العزيزمزرق لون السماء. يبدو غامقا وأصيلا في زرقته، وأنت ترى غابة ديتانق منتصبة الأشجار بالجانب الغربي للنيل الأبيض قبالة مدينة ملكال في طرفها الشمالي. أشجار الدليب العالية تبين ثمارها الكثيفة البرتقالية اللون حول إبط سعف أوراقها والنيل رائقا يمتد بوسطه شريط طويل من أعشاب زهرة النيل في رحلتها الطويلة وهي تهبط صوب الشمال، وبعض عجول أفراس النهر تتسلقها لتهبط معها إلى قاع النهر الأشهب، وثمة ثور يخور بمرعى جزيرة القرنتي التي يفصل بينك وبينها خور المك.
تبدو الدنيا عجولة متصاعدة الخطى. هذا هو إحساسك (…) -
أن تشهد الولادة
30 أيار (مايو) 2014, ::::: رعد الميتانيكيوم في تاريخ الهزائم يأتي انتصاره على سرير المتعة اللعين، مُنْذُ أن غفلت الحياة أن تحاصره في الرجولة المارقة أيضا، لا لشيء، لكن من الصعوبة أحيانا أن تذكر كل النسخ المتماثلة لإنسان مكرر بليد. اختتم معركته بقبلة باردة وضعها مواساة لها على جبينها، واهما أن الحياة لا تتم إلا بما وهب. قامت بدورها لتغتسل من عاره، وما ألحقته أنيابه في روحها، تلك التي أنشبت الأقدار حربا عليها، لأنها تزاحم الآخرين بأفكار لا تجب، في زمن وحدة الأفكار الرديئة. أخذت ما يسترها عن وجوده، ومضت تَسكُن الظلمة قليلا، (…)
-
شقة طالب
1 أيلول (سبتمبر) 2022, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصشقتي في بلاد الحرية كانت تتكون من غرفتين صغيرتين، ومطبخ وحمام. تدخلها فتدخل إلى المطبخ أولا. طاولة الطعام الصغيرة تكاد تعترض على فتح الباب بشكل كامل. الشقة بكاملها بالكاد تكفي لشخص واحد. ومن أجل أن يبقى فيها متسع للحركة، كان لا بد من الحد من الأشياء التي توضع فيها. ولم يكن هناك الكثير لوضعه في الشقة: سرير واحد. طاولة واحدة. جوارير ملابس. أما في المطبخ فهناك مقلاة وملعقة وسكين وشوكة وفنجان للشاي.
الحمام في الشقة يحتوي على بانيو قديم. والبانيو لا يتخلص من الماء بسرعة، ومواسيره تغلق من حين (…)