مختارات: أحمد زكي أبو شادي
افتتاحية العدد الأول لمجلة أبولو
كلمة المحرر
.
من الحقيقة الملموسة وليس من الخيال الشعري الخلاب تستمد هذه السطور قوتها في التنبيه إلى الحاجة لمثل هذه المجلة للنهوض بالشعر العربي وخدمة رجاله والدفاع عن كرامتهم وتوجيه مجهوداتهم توجيها فنيا ساميا.
ولا يختلف اثنان في أن الشعر العربي تسامى وانحط في آن: تسامى بتأثره بنفحات الحضارة الراهنة ونزعاتها الإنسانية وروحها الفنية، وانحط بما أصاب معظم رجاله — ولا أستثني الكثيرين من المجيدين — من الخصاصة التي ما كانت لتدركهم في عصور الحفاوة بالأدب الخالص حيث لم يكن يعاب التكسب بالشعر، فتدلى الشعر معهم تبعا لعجزهم المادي وتبرمهم بالحياة وعزوفهم عن الانتاج الفني الذي يطالبهم بالجهد والتدبر. وهكذا صارت حالة الشعر العربي في عصرنا هذا خليطا كريها من الحسن والقبح. من الجودة والإسفاف، من السمو والانحطاط، وذلك بصورة شاذة غريبة.
هذه الروح الفردية —روح التخاذل والتنابذ — لا تزال متفشية للأسقفي جميه مظاهر الحياة العربية من اجتماعية وسياسية وأدبية وعلمية.
[...]
وقد راعينا أن تتنزه المجلة عن طنطنة الألقاب والرتب حتى ما جرى العرف بالتسامح فيه، حتى تظهر على مثال أرقى المجلات الأوروبية التي من طرازها، وحصناها ضد عوامل التحزب والغرور، فلا غرض لها بعد هذه إلا خدمة الشعر خدمة خالصة من كل شائبة، تسندها خبرتنا الصحفية في مدى سبعة وعشرين عاما، وهي خبرة لا نباهي بها ولكن نذكرها لاطمئنان القراء ضمانة لثباتنا الدائم في هذه العمل الصحفي الذي لا تجهل صعوباته، وضمانة لتدرجنا في تحسينه بنسبة من يناله من تعضيد، مع حرصنا الدائم على نشدان الكمال.
أحمد زكي أبو شادي
= = =
مجلة "أبولو"، العدد الأول. أيلول (سبتمبر) 1932. ص 4-5.
◄ عود الند: مختارات
▼ موضوعاتي