أنا رهف من شمال غزة، اليوم علينا المغادرة نحو الجنوب؛ بالأمس تم تدمير منزلنا إثر سقوط صاروخ عليه.
بتنا ليلتنا بين الأبنية المدمرة والدخان وصوت البكاء والقذائف المنهمرة من كل مكان. في الصباح بدأت رحلتنا نحو الجنوب احتضنني أبي وقبلني وأوصى أمي بي وبجدي وجدتي.
كان الجميع يبكي بحرقة وألم وكنت خائفة فتعلقت برقبة أبي ولم أرد النزول من بين ذراعيه، أخبرني أنه عليّ الذهاب مع أمي؛ قلت: احملني لا أريد المشي،
أجابني أنه لا يمكنه الذهاب معنا، "على الرجال أن تموت مرفوعة الرأس".
لم أفهم ماذا قال (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
أفراح قصيرة
1 آذار (مارس), ::::: تسنيم حسن -
ليس بيدي
25 أيار (مايو) 2015, ::::: أحمد عبد اللهفي ذلك الوقت من كل يوم، اعتادت أن تراه في قمة تألقه. بنظارته الشمسية وسواد حذائه وساعته في يسـراه. بطلبه المعتاد على الصباح في هذا المكان الأنيق. دخان القهوة المتصاعد يضفي عالما مميزا من الرقيّ مع لمسة خشبية في التصميم تعطيك إيحاء بالسكون والفخامة.
كل ذلك يزول تأثيره بمجرد وصوله. عطره يجبر الورود المتفتحة على امتصاص روائحها لهيمنة وجوده. تنتظر أن ترى عينيه لتضيء المكان من غمامته على الرغم من إضاءته. أيا كانت ألوان ملابسه، تتغير الألوان المحيطة به لتتلاءم معها. أحيانا توقن بأنه ليس بشـرا، (…) -
الزمن الملغوم
25 أيار (مايو) 2015, ::::: خيرة جليلهذا بستان الحياة اليانعة، أحاطوه بأسلاك الخذلان والتواطؤ الشائكة. من يجرأ على سرقة تفاحة الأحلام في مقتبل العمر. جميع الجرائم في حق الإنسانية مباحة إلا الحلم بغد جميل وسرير مريح.
هي تعلم أنه يشحن بطارية إبداعه من لعب مسرحية العشق الممنوع، وهو يعلم أنها من فصيلة الحرباء الانتهازية، تقتنص كل فرصة للارتقاء الاجتماعي المسعور.
كل واحد منهما يراهن على فرس جامحة تزيد انتشاء كلما ركضت بالممرات الضيقة ومنعرجات الحياة لتسابق النذالة.
هو يقول:
كم هي لئيمة هذه المرأة حين راهنت على أحمر شفاه فاقع (…) -
صكّ الغفـران
26 كانون الأول (ديسمبر) 2015, ::::: غانية الوناسالآن فقط أعدّ نفسي للتخفّي داخل وجعي، أحمل ألمي بنفسي، أصلب ذات النفس إلى لوح الفقد، وأمضي أقلّم وحدي أظافر الجرح.
الآن أقف كجبل بركاني، أخرج كلّ ما فيه من غضب الاحتراق، واستكان أخيرا إلى الركود النهائي، لا شيء في الأفق يلوح، لا حمام يطير حاملا رسائل العائدين، لا غزل صباحي ينقر به عصفور الفرح على نافذتي، ولا شمس ستشرق على شرفتي، توقظني لأبصر الغيم.
أتسرب نحو العدم، كقطط الشارع، أتوه في اللاوجود، أشعر كأني ظلّ ثقيل جدا، لا جدار يحتمل اتكائه عليه، مبهم هذا العدم الذي أسير إليه، كطائر جريح (…) -
أغلى كوب شاي في العالم
1 حزيران (يونيو) 2020, ::::: فنار عبد الغنياضطررت بسبب ظروف قاهرة ألمت بي للعيش وحدي لفترة شهر واحد خلال عطلتي الصيفية في بيت فارغ من أي شيء له علاقة بضروريات الحياة إلا القليل منها. هذا البيت هو ملكي، اشتريته بالتقسيط غير المريح، وجلّ معاشي الشهري أدفعه لتسديد أقساطه الشهرية والسنوية. أما بيتي الذي أسكنه فقد حيل بيني وبينه، فقد تعرض الحي الذي أعيش فيه لحصار أمني مكثف بسبب لجوء إحدى العصابات إليه واتخاذها بيتا في وسط الحي كمركز لعملياتها الخارجة عن القانون. وكانت الخطة الأمنية تقتضي أن يتم تفريغ الحي من جميع سكانه من أجل محاصرته (…)
-
تاريخ
1 أيلول (سبتمبر) 2023, ::::: زكي شيرخانبين مرحلة الدراسة الابتدائية والجامعة، مضت السنوات سِراعاً. التحقتُ بكلية الآداب فرع التاريخ. كان معدلي يؤهلني للدخول في كليات، من وجهة نظر الآخرين، أهم وأرقى، يمكن أن تمنح المتخرج منها مركزاً اجتماعيا مميزاً. كان هذا الرأي بالنسبة لي مجرد هراء ولا يستحق حتى الرد على مردديه. أمام إلحاح وإصرار والدي، كنت أزداد عنادا.
= «أبي، صراحتي معك لن تقلل من احترامي لك، ولن تمس مودتي تجاهك، ولن تضعف فخري بك. هذا مستقبلي، فدعني أمضي فيه على طريقتي. التاريخ هو اهتمامي الأول، ودراسته هو ما خططت له. أعدك (…) -
اليوم الأخير من حياة موظف
1 حزيران (يونيو) 2023, ::::: تامر عبد العزيز حسنكان يجلس في ركن شبه مظلم من الحجرة، لا تكاد تميز ملامحه. كان كأنما يهرب إلى الظلام ويتخفى في ذلك الجزء من عالمه الخاص. تشعر بوجوده فقط عندما يلقي عليه لهيب الشمعة الوحيد بعض من ضوئه، وذلك يحدث عندما يتحرك أحدهم بالقرب منها أو عندما ينساب بعض الهواء البارد من الجزء المكسور من النافذة التي حاول من قبل أن يغلقها بقطع من الكارتون. ولكن يبدو أن الأمر يأبى أمام تيارات الهواء القوية التي كثيرا ما تخلع بعض مسامير التثبيت، فساعتها يتراقص لهيب الشمعة ويخبو ضوؤه حتى تظن أنه سينطفئ، لكنه لا يلبث أن (…)
-
ما لم تكتبه جودي أبوت
25 آب (أغسطس) 2015, ::::: غانية الوناسعزيزي،
لم يكن الوقتُ قد حان بعد للنهاية، حين تراءت لي تلك المسافة الفاصلة ما بين دفء الحلم، وبرد الواقع، لم أختبر يوما إحساس البتر بمعناه الكامل، أنا المبتورة منذ بدئي، كجذعٍ لا شجرة ينتمي إليها، ولا غابة يركنُ إلى دفئها في المساء وحيدا.
لم أدرك ذلك إلا حين قررت فجأة عدم جدوى المضي في خلقِ الأمل من الحبر، وجعله مخلوقا يتمشى على الورق، كانت تلك طريقتي في التمهيدِ لإسدال الستائر، فلم يكن المسرح يوما هوايتي، ولا الوقوف بثقة موهبتي. أنا الغريبة الوحيدة دائما.
كنتُ أثق دائما بالوقت، أتصدق (…) -
نجمة تشع وتختفي
25 أيار (مايو) 2013, ::::: أشواق مليبارينظرت بدهشة إلى السماء من خلال زجاج النافذة.
كانت نجمة عالية تومض بنورها الأحمر وسط الظلام. التفتت إلى أختها الكبرى مستلقية على أريكة وهي تتصفح مجلة بين يديها بلا اهتمام. تميل برأسها طربا ذات اليمين وذات الشمال، وفي أذنيها سماعة صغيرة متصلة بجهاز.
هزتها من كتفها وقالت لها: "أنظري إلى تلك النجمة الحمراء".
أومأت الأخت الكبرى برأسها بلا اكتراث.
"إنها كبيرة جدا، تشع وتختفي". أومأت مرة أخرى دون أن تنظر إليها.
"إنك لا تصغين إليّ". قالت الأخت الصغرى.
حملت لعبتها وغادرت الغرفة بامتعاض. (…) -
عــودة الـربـيــع
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007, ::::: ربا الناصرعلى دقات الساعة الخمس، عبرت المرأة العجوز ممر الصالة ذهابا وإيابا بخطوات مثقلة بهموم الزمن، متأملة وجهها بين الفينة والأخرى في مرآة، مظهرة ملامح امرأة تجاوزت السبعين من العمر، قاطنة في دار للعجزة منحتها غرفة بسيطة، لا يتعدى أثاثها سوى سرير خشبي قديم وغطاء صوفي مرقع، هي كفيلة -في نظرهم- لتمنحهم الدفء والأمان، لكن أيكفي الحصول على الدفء من غطاء وجدران في غياب اللمسة الحانية والكلمة الطيبة؟
هي اليوم في انتظار موعد يجمعها بابنها العائد من سفره الذي قد يكون سفرا إلى بلاد بعيدة، أو بعدا معنويا (…)