لم يكن يعلم أن أحلامه ستنتهي إلى قبر مسيج بالصمت والنسيان، ربما هو وهم الحياة الذي يحول الأشياء إلى أحلام تسكنه في الصباح، لكن سرعان ما كانت تغادره إلى أجساد تحمل أسماء متعددة.
الأحلام والأوهام تأخذ مسارا واحدا: أن يحلم أو يتوهم، يحيا أو يموت لا فرق. أحلامه أوهامه، حياته مماته.
يستقل الحافلة وفي قلب المدينة النابض، يترك الشاحنات وراءه. يتابع السير بمحاذاة المتاجر التي لم تعد تغريه بالنظر إلى سلعها المعروضة كما في السابق، يسابق الزمن وبالقرب من المصرف ينحرف يسارا. يصعد درج النقابة وفي تلك (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
سجل الأموات
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012, ::::: مريم أحمد -
في زقاق المخيم
1 آب (أغسطس) 2010, ::::: رامي حسينأسير تائها بين دروب الزمان. أنظر حولي هنا وهناك. لا أرى سوى السراب الذي لف المخيم من كل جانب. دخلت عيادة الطبيب. صعدت الدرج بصعوبة بالغة. دخلت الباب وجلست على أقرب كرسي. رمقتني السكرتيرة بنظرة غريبة كما لو أنني مذنب في شيء. نظرت في المرآة المقابلة لي لأتفحص وجهي وملابسي لأرى إن كان هناك ما يدعو السكرتيرة لأن تنظر إليّ بتلك النظرة. لم أر أي شيء يدعو للريبة، إلا شيئا واحدا، وهو تجاعيد وجهي الكثيرة التي حفرها الزمان في وجهي بكل دقة، حتى أمسى وجهي لوحة فنية تعبر عن الحزن بكل ما تعنيه الكلمة. (…)
-
اصبر
25 آذار (مارس) 2015, ::::: زكي شيرخانها أنت قابع هنا، متلفع بخوفك. مسيّر إلى مجهول ليس في ذهنك منه إلاّ صورة باهتة الألوان، متشابكة المعالم. ما زلت رغم طول الساعات التي قضيتها في هذا المسار غير مستوعب تماما لما أنت فيه. كيف دُفعت إلى ما أنت به؟
أنت لم تهضم بعد ما جرى. لم تستطع أن تصدق كل ما جرى، بكل هذه السرعة. ما هذه الصور التي تستحضرها ذاكرتك؟ كيف يتسنى لك وأنت تحت هذا الكم الهائل من القلق أن تتذكر كل هذه الأحداث؟
ما الذي ذكّرك بهذه المرأة المتدلي ثديها لاتجاه فم رضيعها الذي مالت رقبته في حجرها وقد رسمت قطرات حليب مخلوطة (…) -
همس البحر
27 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, ::::: زهرة يبرمسكيكدة، تلك المدينة الهادئة الصاخبة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، والتي تسخو بالعطاء بلا حد. تهب الجمال لمن يتذوقه، وتحنو على زائريها. ترتفع شواطئها في سماء الجمال شامخة حين تعانق خضرة الجبل وزرقة السماء وروعة ما وهبها الخالق من بديع الصور.
دعاني هذا المساء شاطئ "ميرامار" ، أحد شواطئ سكيكدة. وحين يدعوك شاطئ مثله فلا يمكن أن تتأخر أو تلهيك انشغالات عارضة أو تتحجج بأعذار واهية. يعرف هذا المكان أن الكاتبة في أعماقي أشد عشقا له مني، فلا تضيع فرصة لمثل هذا اللقاء دون أن تؤرخه بكلمات تبعثرها (…) -
الطمع ضر ما نفع
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: سعاد أشوخيوكان المسمى قيد جهله "جَهْلَلُ" يحوم من دار لدار، ويأكل من لحوم الناس، فيسُب هذا ويطعن في ذاك. وحتى إذا ما عارضه أحد أو عاتبه، قال: إن هو إلا حق، وما جِئت بشيء من عندي، ثم يذْرفُ دموع التماسيح ويَصِيح مظلــــــوم يا ناس مظلوم يا ناس.
كان في ما مضى من زمنه شقيا، يدّعي النبل، لكنه كان عبدا بكل التفاصيل. لم يُشتر من سوق النِّخاسة ولم يُسْبَ، بل، هو من وَسم نفسه أمام الأسياد بصفة العبيد، فكان يَنحني طوعا أمام من هُم أعلى منه، ينافق هذا، ويقبل يد ذاك، ويرجو منهم فتات الكلام والبسمات. وإذا ما (…) -
البحث عن شقة 2: شقق المهندس لطفي
1 آذار (مارس), ::::: فنار عبد الغنيلطفي مهندس معماري ينتمي لعائلة عريقة. إنجازاته الهندسية صروح في عالم الفن المعماري. كان يتعمد بناء مباني فريدة في تصميمها وفي جمالها المبهر. في الواقع، إنجازاته تعكس روحه المتوقدة وذوقه اللامع وانتمائه الطبقي بكل أبعاده النفسية والتربوية والثقافية والاجتماعية.
استقبلنا المهندس لطفي وهو رجل تجاوز العقد السابع من العمر بكل مودة. وكان قد حضر على الموعد عند مدخل إحدى مبانيه الذائعة الصيت في ذوقها وأصالتها الفنية. كان مدخل المبنى من الرخام الصقيل الذي يجعل الأضواء تنعكس في كل نواحيه. المبنى رغم (…) -
فاتحة النهايات
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: بهاء بن نوارحدّثيني الآن ماذا لديكِ؟ فارقني وجهُك منذ ساعات عشر (دهور عشرة) قابلتِ خلالها دون شكّ وجوها جديدة، وأقنعة قديمة؛ قصصا، وحكايات، وبقايا كلمات.
نمتِ خلال بعض من ساعاتها؟ لا بأس! لكنك حتما قابلت في تلك المنامات بعضا من أشباح الماضي، أو رؤى الآتي؛ بعضا من متاهات الآن.
بالحكي وحده يحيا الإنسان! حدّثيني عمّا لديكِ. وأعيدي إن كنتِ امرأة حقا، أو نثارَ آلهة بعضا من نثار ذلك اللّهب، والرّماد؛ بعضا من نثاري.
قفي حيث أنتِ أو تقدّمي. أغمضي عينيْكِ، أو أشهريهما، وأشرعي نوافذ الحلم، أو غلّقيها؛ (…) -
ســر وثـعــالــب
1 نيسان (أبريل) 2010, ::::: بشير عمري=1=
فاجأني بعدما كشفت له لأول مرة عن موطني بأغرب سؤال سمعته وأنا أودعه مع أول صيحة لديك الجيران:
"ما رأيك في بلد بلا ثعالب؟"
"بلد بلا ثعالب، بلد بلا نفط."
أصعب ما في الإنسان غموضه، وأصعب منه تعابير لحم وجه الراقصة، إذ ولم أهتد لفهم سبب ابتسامة الرجل لما أجبته، أسخرية من إجابتي التي لم تكن طبعا أقل غرابة من سؤاله؟ أم من لون بشرتي؟ فهو يراني إذ أحدثه عبر شاشة الكمبيوتر فالأكيد ليس من الطاقية البيضاء التي أضعها على رأسي، ثم قال لي:
"إنها ثروة لكن نسر المحيط الأطلسي الذهبي خطر عليها (…) -
مدرسة الدباغية
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: نوزاد جعدانكان يقلّب الأفكار في دماغه، كما تدوّر الغسالة الجوارب في قاعها، في مساء شتائي بارد جدا، لا شخص يرنو في قماط الأرض هذا، وحده زهير يستند على عمود كهرباء قديم، يخرج سيجارة من جيب معطفه الدافئ، يسحب منها عدة أنفاس وينفثها على مهل، ربما تزيل التوتر الذي رافقه عدة أيام، منذ نجاته من جولة الكر والفر الطويلة من الشارع الذي تتمركز فيه قناصة النظام.
يحملق في كل مكان من حوله، لعله يجد مأوىً يقيه هذه العاصفة الثلجية التي تجعله يقيد يديه في جيبيه، إنه شباط حلب المشهور بالصقيع والبرد.
تأمل زهير مدرسة (…) -
من دفاتر المنفى: آلام الأمومة
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: أميمة أحمدكانت بايا متعبة حد الإرهاق في تلك الليلة الباردة في عز الشتاء من شهر كانون الثاني/يناير، فقررت النوم باكرا. ليس من عادتها أن تنام الساعة التاسعة والنصف. مضى زمن بعيد على تلك المواعيد المبكرة في النوم، يوم كانت تعمل مع إذاعة عربية. عندئذ كان لزاما عليها الاستيقاظ باكرا، في السادسة على الأقل لتقرأ الصحف وتعد تقريرها قبل الثامنة. أما الآن، وبعد العمل مع إذاعة غربية، الأمر يختلف تماما، ولعله يتلاءم مع طبيعة بايا التي كانت لا تنام قبل الفجر.
اليوم كان قراراها خلاف مألوف عادتها. همت بالذهاب إلى (…)