بينما كانت الأحلام تداعب عينيه، لاحت حمامة من مكان بعيد تحوم، تتجه صوبه، تهدئ من تحليقها، وتهوي قربه أسفل غصن رطيب فينان. تظاهر بعدم الاهتمام حتى لا تخشاه أو تجفل منه، لكن أنظاره لم تفارقها، تخطف روحه وتتخدر حواسه، تطير مبتعدة ثم تحط في مكان أمام ناظريه، تسري برودة في أوصاله.
أحسّ أنه معلقٌ مع ريشها، وكلما اقترب سرى به دفء وطعم أمان، تشاغلت عنه في هديلها، صار يسلي نفسه بعدها، ينزع بعض ريش الزغب يلهو به، وينثره على روحه التائهة يسترها.
تصادفه والدته مهموما في المساء، تسأله عن شكواه، قال: (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
غياب
1 أيلول (سبتمبر) 2019, ::::: نازك ضمرة -
مركب الصغير
1 أيار (مايو) 2009, ::::: فنار عبد الغنيأشعّت عينا الصغير حين فرغ من صنع مركبه الجديد. طرق عليه عدة طرقات قبل أن يعانقه بفرح ثم رفعه فوق رأسه، وأخذ يمشي مزهوا بنفسه رافعا كتفيه كقائد في طريقه لاستلام جائزة. بعد ذلك أطلق صرخات ملأت البيت. شعر أنّه قلبَ رأس العالم. وفيما هو يدور حول نفسه مردِّدا بعض العبارات التي يسمعها تتردد على ألسنة أبطال ونجوم الملاعب، قطعت فرحته خواطر غريبة: ماذا لو غرق هذا المركب أيضا كالمراكب الورقية؟
صمت كل عالمه وتوقف عن الدوران. لم يعِ ما يفعل. غير أنّه قرّب مركبه إلى صدره ثم أسرع دون خوف ملقيا به في (…) -
قلوب لم يدفئها الحب
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013, ::::: مهند فودهفي لحظات معدودة تبدل كل شيء، تلاشت الوعود واختفت من الوجود، ذهب الأمان وحل الخوف من المجهول، صار وعده لها بمشاركتها طول العمر أملا غير مضمون، ذهب الدفء وحل برد الشتاء وأصاب أطرافها بالتجمد ولسانها بالجمود، ودت لو أشارت للنادل بحاجتها لبطانية، فدفء الجسد بالحب في برد ديسمبر بدا لها في تلك اللحظة خادعا وغير مأمون.
لم تعُد تصغي لمزيد من مبرراته المغلفة بالأعذار واللامعة بالأكاذيب، أخذت تتابع هطول الأمطار من خلف النافذة التي يجلس أمامها، جُل تفكيرها كيفية العودة للبيت دون مظلة تحميها من المطر (…) -
نجمة حرة
1 نيسان (أبريل) 2008, ::::: ربا الناصرمن بين النجوم، اتخذت موضعا لك، لتطلي عليّ من بعيد – على غير عادة منك – مراقبا لحركاتك العفوية، فأراك تهمسين في أذن النجوم تارة، وتتضاحكين مع القمر طابعة على وجهه قبلة قرمزية، فترسمين البسمة على شفاهه تارة أخرى. رأيتك هناك تسبحين وسط رائحة الأزهار الخالدة، تحومين في فلك واسع، بدون قيود تحكمك كما كنت هنا. في أرض الواقع، هذه الأرض التي أسكنها جسدا، هذه الأرض التي أتأمل صفحة سمائها، قارئا سطورها التي تكتبينها، كأن حياتك لم تنته عند شاهد قبر، أقرأها ونور القمر يغمر وجهي، متناسيا معك عالمي الجامد، (…)
-
تأتيني طيوري بهجة فأحيلها شجنا
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: هيام ضمرةلم يكن ضوء النهار قد شقّ ستائر العتمة بالكامل حين قلّبني خمول الوسن على جانبي الآخر ويدي تسحب أغطيتي على كتفي مخزّنة الدفء المنعش في أوصالي، خرجت على الفور من غفوتي وأهدابي تنشّق متنبهة، وقد ران صوت عزف صادح جميل كان اختفى منذ زمن غير قليل، لطالما أصخت السمع على مدى الشهر الماضي باحثة عن معزوفاته. فتحت عيني على وسعهما وأنا متيقنة أنّ ما أسمعه ليس أذيالا من حلم ما زالت ظلاله عالقة في المخيّلة.
نعم هي ذاتها طيوري، ذات المعزوفة التي تعودت أن تتغناها لتنقلني إلى يقظتي. إذن لقد عادت طيوري من (…) -
باقة الورد
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013, ::::: صابرين حكيمكعادتي أخذت كوب النسكافيه وجلست في شرفة غرفتي المطلة على البحر الذي أعشقه كثيراً، وشد انتباهي رجل يسير بتمهل يمتزج شعره باللون الأبيض والأسود ويحمل بين يديه باقة رائعة من الورد ويجلس على مقعد أمام البحر. لا أدرى لماذا ظللت انظر إليه. كنت أتشوق لرؤية محبوبته التي سوف يهديها باقة الورد، وبعد قليل شاهدت الرجل وقد حمل الباقة وألقاها في البحر ثم غادر المكان ورحل، فزادت دهشتي وعجبت لأمره، ونظرت إلى الساعة فجدتها الثامنة صباحا، فأسرعت للذهاب إلى عملي. في اليوم التالي تكرر نفس المشهد، فزادت (…)
-
جسد لفستان الأميرة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: بشير عمري=1=
قلق الحاجة إلى ممارسة أهم طقس من طقوس استقبالي لريتا ينهشني من الداخل، فهي كما الوضوء قبيل الصلاة. ما إن يقترب موعد لقائي بحبيبتي ريتا حتى أخرج المرآة الصغيرة التي اشتريتها من أحد المحلات الباريسية من جيبي وأتفقد نظام خلقتي بأكمله. وأذكر أنني ذكرت الأمر هذا مرة لأحد الأصدقاء المغتربين العرب فضحك كثيرا وهو يداعب لحيته الطويلة بقبضة يده قبل أن يسألني:
"كما الوضوء تقول. وإن لم تجد المرآة فهل ستتيمم؟"
والرجل على هزله كان مصيبا. أنا أيضا جاريته في هزله إذ قلت له:
"إني لا أعدم وسيلة (…) -
دقيقة صمت
1 أيلول (سبتمبر) 2020, ::::: زكي شيرخان"أرح أباك. عد لتراه ثم ارحل ثانية. إنه يتألم. يرفض أن يموت قبل أن يراك. ارحمه".
لولا قولة أخيه لم يكن ليعود بعد كل هذه السنوات. في مجلس العزاء، جل من رأى من المعزّين طمرتهم الذاكرة أو كادت. كبر من كبر، وشاخ من شاخ. بدت النعمة على بعضهم، ولبس البؤس أغلبهم.
"هؤلاء، أولاد عمومتك"، "أولئك أصدقاء المرحوم الذين ظلوا على علاقتهم به" هذا ما كان يُهمس به لتنبيهه. "هذا شيخ العشيرة"، "أية عشيرة؟"، "عشيرتنا".
قضى أياما وهو يرى العجب ويسمع الأعجب.
= = =
في طريقهم إلى القرية التي ولد فيها الأب، (…) -
حبيبتي من تكون
1 شباط (فبراير) 2008, ::::: داليا الحاجيبدو غريبا بين أصحابه بميوله تلك التي طالما أثارت من حوله سخرية الأولاد وتهكّم البنات، لكنه لم يكترث لهم يوما فهذه هي ميوله ولا يعنيه سواها. وما بيده إن كان يفضل الدمى على لعب الكرة.
حياته بين الدمى مثالية. كان يفضل رفقتها على رفقة الأولاد، فهم يلعبون بشكل همجي، ومن الذي يطيق إضاعة وقته بشيء مخفي المعالم يتدحرج بين الأقدام؟ إن اللعب أمر من الأمور الروحية، عليهم أن يفكروا به برقي أكبر من هذا.
بدأ شغفه بتلك الدمى منذ صغره. كان يقضي ساعات بينها، لا يشاركه عزلته سواها، حتى أثار قلق والديه، (…) -
النبوءة
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: أياد خضيرجلسَ القرفصاء في مكانه الذي يشعر به بالارتياح والدفء والأمان. أدركَ أنَّ شيئاً ما قد يحدث فيما بعد، شيئاً مغايراً لما هو مألوف. إنّها سيول جارفة تزيل معالم القرية
ظلّ يتردّد بالبوح إلى أهل القرية، خوفاً من عدم تصديقه، كما في المرة السابقة، ففي يوم ما أبلغهم بأن غربانا ناعقة تمخر عباب السماء تنذر بالشؤم.
نعتوه بالمجنون. أشبعوه ضرباً. وعندما جاءت الغربان وعملت ما عملت أخذ الناس يعطفون عليه.
البعض الآخر قـــال عنه إنّه ساحر وإنّ هذه الطيور جاءت بفعل سحره.
وفي يوم من الأيّام قـــال لأهل (…)