:عود الند ترحب بالكاتبة زهـرة يـبـرم: بدأ النهار يولج في الليل، وتسلل أول خيط فضي لنور الفجر على استحياء مخترقا شقق القفل الخارجي لنافذة غرفتي، مطلا علي عبر الستائر الشفافة المسدولة بغباء، مضفيا على محتويات الغرفة لونا رماديا محايدا كئيبا. لا أدري إن أطل هذا الضوء ليبشرني بميلاد يوم كئيب آخر؟ أم جاء ينعى ليلة من ليالي عمري البائس الحزين؟
أحزان تغزوني، تتساقط على الروح كندف الثلج منذ فقدت أمي قبل سنة. صرت أطمئن للكآبة، أستكين إلى الكمد وأسرف في الإحساس بالحزن. أستسلم للهم والغم والقنوط، (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
وهدأت العاصفة
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012, ::::: زهرة يبرم -
رفال
25 آذار (مارس) 2014, ::::: غانية الوناسلم أكن أعرف وقتها ما معنى أن تفقد أحدا أو أن تشعر بغياب أحد حدّ الفراغ القاتل.
كان النبض ينخفض قليلا فيعود طبيعيا، ذلك الخيط الرفيع الذي يسري متعرجا ومتموجا، كنت أصلي لله ألاّ يستقيم أبدا. إلهي، ماذا لو استقام الآن؟
أسميتها "رفال"؛ أول اسم خطر ببالي حين سألتني الممرضة ماذا ستطلقين كاسم على الطفلة؟ بدا لي اسما بلا معنى في حدود معرفتي، فلا أذكر أني سمعت به يوما. اخترته لها حتى لا يكون لها من اسمها نصيب ما فيما بعد.
ستلومني بعد سنوات حين تكبر لأنّي لن أملك لها شرحا محددا لمعنى اسمها (…) -
الفستان
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: محمد العصفوريعاد صوتها يرن في أذنيه من جديد: "بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
أعرف أنها كبرت. وكان لا بد لها أن تكبر. آه يا ابنتي، آه يا بسمة. لكم يحبك أبوك ويعاني من أجلك!
أخذ ينظر في تردد إلى الملابس ذات الألوان الخاطفة على الجانبين. يعرفون كيف يسيلون لعاب المرأة بهذه الملابس. ألا يدركون كم يعاني الآباء من جراء ذلك؟
ومن جديد عادت الكلمات قوية صارخة:
"بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
"أعرف ذلك. ولكن من أين لي بثمنه؟"
ألا تعرف زوجتي ثمن هذه الفساتين؟ تباً لها، إنها ما زالت تحيا في عصور ما قبل التاريخ. (…) -
الضحية والجلاد
26 تموز (يوليو) 2012, ::::: موسى أبو رياشدخلت سيارة الإشراف ساحة المدرسة، فاشرأبت الأعناق إليها، وشخصت العيون، ووجفت القلوب، تنتظر من سينزل! ومن تكون الضحية؟
نزل المشرف المسؤول عني، فمادت الأرض تحت قدميَّ، وقلت في سري: رحماك يا ربي! أخذتُ أمني النفس: لعله جاء لغيري؛ زيارة إدارية، زيارة تفقدية، تحقيق، زيارة لزميلة أخرى، متابعة نشاط ...
بعد دقائق، جاءني خبر يبدد بقايا أحلامي، ويضعني أمام قضاء لا مفر منه، خبر يبلغني أنَّ المشرف سيحضر حصة صفية عندي، فلأكن على أهبة الاستعداد، وفي قمة الجاهزية.
غاص قلبي بين ضلوعي، فقد جاءت لحظة (…) -
عـاد الـضـائع
1 آذار (مارس) 2010, ::::: منال الكنديقرأ اسمها ضمن قائمه الموظفين في الشركة التي كان يعمل فيها كحارس. جذبه اسمها، ولم يعلم أن القدر بدأ ينسج خيوط لقائه معها. توالت الأيام صدفة وراء صدفة تقوده إليها. كان وحيدا ويتيما. لا أحد يسأل عنه. أحس بانجذاب إليها يفوق الوصف، انجذاب غريب لم يشعر به من قبل.
توفيت أمه، وبعد فترة قصيرة من وفاتها، تزوج أبوة مطلقة. جاءت الزوجة الجديدة وامتلكت الأب والبيت. رغم تجاربها بالزواج والطلاق وحرمانها من أطفالها، إلا أنها مارست قسوتها كزوجة أب عليه وعلى أخوته، وأخرجته من البيت، لتبدأ الحياة تطحنه (…) -
ليس بيدي
25 أيار (مايو) 2015, ::::: أحمد عبد اللهفي ذلك الوقت من كل يوم، اعتادت أن تراه في قمة تألقه. بنظارته الشمسية وسواد حذائه وساعته في يسـراه. بطلبه المعتاد على الصباح في هذا المكان الأنيق. دخان القهوة المتصاعد يضفي عالما مميزا من الرقيّ مع لمسة خشبية في التصميم تعطيك إيحاء بالسكون والفخامة.
كل ذلك يزول تأثيره بمجرد وصوله. عطره يجبر الورود المتفتحة على امتصاص روائحها لهيمنة وجوده. تنتظر أن ترى عينيه لتضيء المكان من غمامته على الرغم من إضاءته. أيا كانت ألوان ملابسه، تتغير الألوان المحيطة به لتتلاءم معها. أحيانا توقن بأنه ليس بشـرا، (…) -
على ضفة الحلم
1 أيلول (سبتمبر) 2009, ::::: صفاء صيد. مقدّمة
ما أروع أن تجد أبا يحثّك بكلمات بسيطة وجمل مختصرة على حفظ ولو بعض من القرآن الكريم، وبيت أو اثنين من الشّعر الفصيح، وكذا مطالعة الكتب راقيها ودانيها! وتزداد تلك الرّوعة رونقا عندما تجد أمّا تصرّ عليك أن تدون أيامك على صفحات بيضاء تنتظر أن تدبّ فيها الحياة. تصرّ، فتكاد تجبرك أن تكتب أيّامك كلمات تعزف حروفها حسن التنسيق بين الجمل، وكأنّ الجمل صارت تصنع الكلمات.
آه لو كان ذاك الشّعور يسمعني لرجوته أن يمتدّ سرمدا ويتخطّى كلّ حاجز يقف له متصديا دون أن يصاب بمكروه. لذيذ هو ذاك الشعور (…) -
تدقيق لغوي
1 حزيران (يونيو) 2006, ::::: عود الند: مختاراتأعمل مدققا لغويا، ولي في هذه المهنة ست عشرة سنة، لم أخطئ، ولم يكتشف أحد بعدي خطأ نحويا واحدا. أولعت بالتدقيق، وصرت أدقق بكل شيء، صرت - في كل عبارة أقرأها- أبحث في الوجوه الإعرابية المحتملة إذا رأيت فيها خطأ ما. صرت أرى الشارع أسطرا، و الناس والأطفال -على وجه الخصوص- نقاطا متحركة تحتاج إلى من يضبط تواجدها على الحروف. الشوارع أسطر. البقالات نصوص تحتاج إلى ضبط.. الأصدقاء نص غير مرقوم. عرائض النواب نصوص تحتاج إلى مراجعة. سائقو التاكسي يحتاجون إلى تنصيص. مخالفات حزام الأمان الموسمية تحتاج مدققين. (…)
-
حلم خلف القضبان
1 أيلول (سبتمبر) 2006, ::::: جعفر أمانخرج من سجنه ذي القضبان الحديدية إلى سجنه الأكبر داخل مجتمعه. صارع ذاته وهو مقيّد، أملاً في ترجيح كفة الخير لديه. خطأُ لا مقصود ذلك الذي رماه خلف القضبان. رسم صورا جميلة في مخيلته التي نضبت، صوراً لاستقبال أسرته وأصدقائه له. ردد بينه وبين نفسه: "إنني مشتاق للجميع. أملي أن يتفهموا أن هذه صفحة من حياتي قد طويت، وخطأ تعلمت منه." قلبه سبق خطواته وهو يهم بمغادرة السجن فرحاً بلقاء الأحبة. وقبل أن يبتعد، استدار مخاطباً ذلك المبنى: "وداعاً."
تبخرت أحلامه بحياة سعيدة، وأجهضت فرحته في مهدها بعد أن (…) -
صحوة الأرواح
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: الزين نور الدينقلت لك مرضك من داخلك، وإنك تحتاج إلى طبيب نفساني ف ع لا.
آه، ما بك؟ ما لجسمك ينتفض؟
هي ذي الحقيقة لا تزعج. إنك مليء بالعقد تحاول تحطيم المرآة، تتأسف، وتستدير نحو ... تشد رأسك بين يديك، يتشتت فكرك. أشياء هاربة تمارس حضورها عليك بحدة، وإلى حيث لا تدري. تتحرك. تفتح النافدة، فيما علت الرياح المجنونة تجلد أسوار المباني، بحبيبات رملية رقيقة، الكلاب تعوي بالخارج وأنت تتألم بالداخل، تتنفس من تحت ماء العرق خيالات تحس بها على مقربة منك.
تلتفت بحذر وتُبسمل، لا شيء، كتبك مبعثرة على سريرك الوسخ (…)