خمس أناملٍ وراحة يد صغيرة أمسكتني بقوة وغرزتني في قلب الورقة المسكينة، بدأت هذه اليد الصغيرة جيئة وذهاباً لأترك ورائي خطوطاً محفورة في جسد الورقة الضعيف، كانت خطوطاً عشوائية لا معنى لها.
فجأة، أطلقتني هذه الراحة الصغيرة كصاروخ بالستي قُصف به الحائط، ارتطمت بشدة ووقعت على الأرض، لم نكن نبكي أو ننزف فقد كنا جافي المشاعر والحبر. مكثت هناك لبرهة من الزمن، التقطني بعدها شاب ووضعني بين صفحات دفتره وخرج.
بعد ساعات من المعاناة والرزح تحت ضغط الأوراق والكتب، خرجت لأشاهد النور. أمسكني الشاب وبدأ (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
ذكريات قلم حبر جاف
26 تموز (يوليو) 2012, ::::: محمد التميمي -
الثوب الأبيض
1 أيلول (سبتمبر) 2022, ::::: فنار عبد الغنيكانت تتقن فنونا كثيرة منها فن خياطة الأثواب، وخاصة أثواب السهرات المميزة. وأشهر الأثواب التي تتقنها: أثواب الزفاف البيضاء. كانت خياطة مألوفة ومشهورة بإتقانها لمهنتها وإنسانة محبوبة وكريمة جداً. بصمتها مميزة في خياطة الأثواب الأنيقة وفي ترتيب الأشياء وفي طهوها للطعام وفي كلامها مع الآخرين وأمنياتها لهم.
كانت إنسانة رقيقة القلب، دائمة العطاء كشجرة خضراء مثمرة طيلة العام. ضحت بشبابها من أجل عائلتها. لم تكن الابنة الكبرى لأسرتها الكبيرة العدد، لكنها كانت الابنة التي ضحت بعمرها ومالها من أجل (…) -
ديمة
1 أيلول (سبتمبر) 2017, ::::: آمال سلامة"أهلا"، انطلقت من شفتيها المتشققة الجافة من شدّة العطش، بصوت واهن ضعيف، تصحبها ابتسامة شقّت طريقها وارتسمت على وجهها متحدّية الألم والجفاف، لكنها لم تستطع إخفاء نظرة الخوف والرّعب الّتي ملأت عينيها. آه يا تلك النّظرة، طاردتني أيّاما، أغالب الدّمع وأحاول الصّمود، أمام فتاة ممدّة عاجزة قد تكون رأت فيّ أملا ما.
عدتُ إلى غرفتي وانفجرت صرخة مكتومة داخلي: "لماذا يا الله؟ لمَ خُلقت هذه الفتاة؟ لتتألم فقط؟"
سارعت إلى الاستغفار، وجدّدت إيماني وقلت في نفسي: "لك حكمة في هذا يا الله لا أعرفها". (…) -
في عيادة طبيب يُضحك
1 كانون الأول (ديسمبر) 2019, ::::: فنار عبد الغنيأخذ يصوب نظراته الحادّة على تفاصيل وجهي بعينين متحجرتين غائرتين خلف نظارة طبية سميكة. كانت ملامح وجهه متشنجة، وقد ألقت الإضاءة الضعيفة في الغرفة عليها شيئا كبيرا من الغموض. وأعتقد أنه تعمد أن يجعل الحجرة نصف معتمة.
كان يحاول إثارة قلقي من خلال التحديق الطويل في قسمات وجهي. استغرق فحصه وقتا طويلا وهو لا يزال يحافظ على نفس الهيئة. قاس ضغطي وأنصت إلى نبضي في لمح البصر ولم يتفوه بربع حرف.
لم يكن هذا الطبيب معروفا رغم تقدمه في السن ورغم وجود عيادته على طابق أرضي في بناء قديم يشرف على شارع (…) -
الحرف الناقص
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصأنهى الناقد الكهل قراءة روايات أحلام مستغانمي عن الجزائر، وشرع في كتابة مقالة نقدية لما قرأ. كان يريد أن يقول إن أحلام بالغت في لجوئها إلى فكرة تقليد الحياة للأدب. ففي الرواية الأولى تلتقي شابة اسمها حياة برسام جزائري كهل بترت يده أثناء حرب استقلال الجزائر، اسمه خالد طوبال، وتنشأ قصة حب بينهما. وفي الرواية الثانية تشرع حياة في كتابة رواية، وتختار شخصية يفترض أن تكون من وحي الخيال، ولكنها تبدأ بالبحث عنها هنا وهناك حتى تجدها. وفي الرواية الثالثة مصور صحفي سمى نفسه خالد طوبال حرصا على سلامته (…)
-
قطرة ندى
1 كانون الأول (ديسمبر) 2007, ::::: هدى الدهاناستلقي على غصني وغطاء من خيوط الفجر يزحف بعيدا عني. أتململ. اغتسل بقطرات الندى، وأنفضُ ما قد علق بي من تراب ربما ألقته عليّ ريح ما وظنت أنها ستشوه نضارتي ورونقي، فإذا بي ازداد تألقاً بحبات الندى أنظمها عقدا حولي. ولن يمضي وقت قصير حتى تشرق شمس دافئة حنون فتُبعد ثقل الانتظار ليبدأ يوم جديد استمتع فيه بحلاوة الحياة أكثر.
ها قد جفت القطرات على جسدي، وبدأ يتألق بلونه الربيعي الأخضر ويشع نضارة. التفت يمنة ويسرة، أُصبّح على وريقات مثلي.
"صويحباتي، هيا نرقص ونمرح."
وتأتي ريح فتراقصنا وتضحك (…) -
وكبرت كرمل
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: شيماء غفارعام يليه عام. عمر جديد في وسط عمر حالك. أمل آخر وجراح كثيرة. تلك هي حكايتي الطويلة جدا.
على مقعد يشبه مقعدي هذا في مكان ما وراء البحر على الضفة الأخرى، جلستْ امرأة أربعينية تشبهني، بشعر أسود حالك وعيون بنية واسعة، ونظرات ثاقبة وراء نظارة برؤية مشوشة، ترى ما وراء الأشياء التي تحتل مركزا آخر من دماغها، تسمع الراديو على إشارة مشوشة، بصورة رتيبة جدا.
أم كرمل كما يسميها الجيران والأقارب، لقب وهبته لابنتها الوحيدة التي أرادتْ منها أن تكبر و تصبح حلمها الشاهق.
كرملْ: أي اسم ذلك الذي اختارته (…) -
مجرد فكرة
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: طه بونينيوصله الردّ أخيرا. سيستطيع يوسف الآن تدبّر أموره مع العمال الستّة الذين يعملون تحت إمرته. أحدهم أمين مكتبة وهو موظّف مرسّم، بلغة الإدارة، والآخرون يعملون في إطار عقود ما قبل التشغيل.
يبدو أنّ الصيف قضى على زوار المكتبة. بعد أن كانت ممتلئة على آخرها فصارت خاوية على عروشها، فارغة إلّا من تيار الهواء وصدى وشوشة العاملين الذي يتردّد بين جدران المكتبة المتخمة بالكتب العاطلة. تلك الكتب التائقة لمن يفتحها وينفض الغبار عنها.
بعض الكتب لا تزال صفحاتها ملتصقة تنتظر من يفضّها ويدشّنها. ورغم هذا (…) -
الفستان
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: محمد العصفوريعاد صوتها يرن في أذنيه من جديد: "بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
أعرف أنها كبرت. وكان لا بد لها أن تكبر. آه يا ابنتي، آه يا بسمة. لكم يحبك أبوك ويعاني من أجلك!
أخذ ينظر في تردد إلى الملابس ذات الألوان الخاطفة على الجانبين. يعرفون كيف يسيلون لعاب المرأة بهذه الملابس. ألا يدركون كم يعاني الآباء من جراء ذلك؟
ومن جديد عادت الكلمات قوية صارخة:
"بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
"أعرف ذلك. ولكن من أين لي بثمنه؟"
ألا تعرف زوجتي ثمن هذه الفساتين؟ تباً لها، إنها ما زالت تحيا في عصور ما قبل التاريخ. (…) -
الورود الحمراء
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: إبراهيم دشيريفتحت كيس النخالة، ثم أخذت حفنة واحدة فوضعتها في قصعة خشبية صغيرة، ثم توجهت نحو البئر فألقت دلوها فأخرجت ماء نميرا كالقمر أفرغته في سطل حديدي صغير، ثم رجعت إلى القصعة فصبت الماء فوق النخالة.
وما أن شرعت في الخلط حتى هرعت الكلبة تتمسح بالقصعة تحاول أن تلتهم النخالة. لكن المرأة كانت تخلط النخالة بيد وتدفع الكلبة باليد الأخرى. وما أن انتهت من الخلط حتى هجمت الكلبة على القصعة فأخذت تلتهم النخالة بشراهة تنم عن جوع شديد.
جلست المرأة على حصيرة دومية تستجمع أنفاسها، فكانت تارة تنظر إلى الكلبة (…)