عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

نجاة الزباير - المغرب

قصيدة: غريبان في كف الهوى


نجاة الزبايرهَلْ عُدْنَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

أَمْ ضَائِعَـيْـنِ

يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!

=1=

جَاءَنِي ذَاتَ قَصِيدَةٍ

بِثَوْبِ اُلْهَـوَى

اُرْتَدَيْـتُهُ

تَبَخْتَرْتُ بَيْنَ اُلْمَعَانِي

وَكَأَنِّـي كْلِيُوبَاتْرَا

لِلْقَيْـصَـرِ تُغَنِّي.

=2=

أَفْرَغْتُ اُلْعُمْرَ فِي فِنْجَانِهِ

وَبَيْنِي وَبَيْنِي مَشَيْنَا

خُـفَّانَا عِـشْـقٌ

ظَمَأُنَا رِوَايَةٌ عَنْتَرِيَّةٌ

وَلَمَّا تَعِـبْنَـا

جَلَسْنَا بَيْنَ اُلْأَطْلَالِ

نُـرَدِّدُ

"قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمنْزِلِ"(1)

فَهَلْ عُدْنَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

أَمْ ضَائِعَـيْـنِ

يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!

=3=

كَمْ سَقَطْنَا فِي بِئْرِ اُلْحُلمِ

نَحْمِلُ اُلْهَذَيَانَ سَرِيرًا

وَفَوْقَ كَتِفِ اُلشَّمْسِ نُصَلِّي

"سَيُورِقُ شَجَرُ اُلْأُمْنِيَاتِ"

قَالَ.

تَدَثَّرْتُ بِصَفَـاءِ عَيْنَيْـهِ

وَفِي رُقْعَةِ اُلْعِشْقِ اُنْسَكَبْنَا

فَكَيْفَ عُدْنَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

ضَائِعَـيْـنِ

يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ

=4=

اُشْتَـعَلَ اُلْجُرْحُ

وَمَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَ اُلسَّحَابْ

فَهَلْ كَانَتْ تِلْكَ إِشَارَةٌ

لِأَوْرَاقِ اُلتَّفَـجـُّعِ وَاُلْـبُكَـاءْ

تَطِيرُ فِي عَوَالِمِ اُلصَّبَابَةِ اُلْخَرْسَاءْ؟

تَجُرُّ رَمَادِي بَيْنَ اُلظَّنِّ وَاُلْيَقِينْ

تَطْحَنُ رَاحَتِي فِي رَحَى اُلْأَنِينْ

لِأَنَّنَا أَصْبَحْنَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

ضَـائِعَـيْنِ

يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!

=5=

" الْهَوَى أَنْتَ كُلُّهُ وَاُلْأَمَانِي

فَاُمْلَأِ اُلْكَأْسَ بِاُلْغَرَامِ وَهَاتِ" (2)

هَكَذَا قَالَتِ اُلْحَيْرَةُ تَجُرُّ ظِلِّي

لَعَـنْتُ صَرْخَتَـهَا

وَفِي لَهَبِ اُلصَّمْتِ اُنْمَحَوْتْ.

فَهَلْ عُـدْنَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

أَمْ ضَائِعَـيْـنِ

يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!

=6=

كَانَ يَخْتَفِي مِثْلَ أَمِيرِ اُلْأَسَاطِيرِ

أُطَـارِدُ عِطْـرَهُ

وَأَنَـامُ فِي قَصِيدِهِ

أَفْتَحُ أَقْوَاسَ جُنُونِهِ

فِيهَا طِفْلَةٌ تَلْعَبُ بِضَفَائِرِ اُللَّيْلِ

وَأُنْثَى تَنْثُرُ فَوْضَايَ

تَكْتُبُ حِبْرَ جَسَدِي

زَهْـرًا

جَمْـرًا

وَتَجْرِي مَعَ اُلرِّيـحِ

تُمْسِكُ بِأَظَافِرِ شِعْرِي

تُـدَاعِبُ هَمْسِي.

فَلِمَ أَصْبَحَتْ دَفَاتِرِي

دِمَشْقِيَّةً

بَـابِلِيَّةً

فِرْعَوْنِيَّةً

تَكْسُونِي شَجَنًا شَرِيدًا؟!

أَلِأَنَّا عُدْنَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

ضَائِعَـيْـنِ

يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!

=7=

كَمْ هِيَ ضَيِّقَةٌ أَبْوَابُ اُلْهَوَى

تَسْـرِقُ رَاحَتِي

تُـقَيِّـدُ خُطَايَ

هَلْ أَزْحَفُ فِي نَبْضِهَا؟

أَقْرَأُ جُـرْحَهَـا

أَكْتُبُ فِي مَرَايَاهَـا

مَا لَمْ أَبُحْ بِهِ فِي ثَنَايَاهَا

عَنْ عَاشِقَيْنِ أَصْبَحَا غَرِيبَيْنِ

يَصْطَادُهُمَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ

ضَائِعَـيْـنِ

يَسْتَقْبِلُهُمَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!

= = = = =

كتبت في 31 غشت (آب/أغسطس) 2011

(1) من قصيدة "قفا نبك" لامرئ القيس

(2) من قصيدة "هذه ليلتي" للشاعر اللبناني جورج جرداق (غنتها أم كلثوم، ولحنها محمد عبد الوهاب).

القصيدة أعلاه من ديوان "فاتن الليل". الناشر: منشورات أفرودايت (2012).

انظر في هذا العدد قراءة في الديوان لأحمد بلحاج آية ورهام.

D 25 آذار (مارس) 2013     A نجاة الزباير     C 4 تعليقات

4 مشاركة منتدى

  • شعر خلاب رومانسي يفيض بالهوى والحزن ، وتكمن داخله موسيقى غنائية وجودية ، يتلاعب بالمعنى والمجاز ببراعة ويترك تأثيرا ساحرا !


  • يتجلى سلطان الزمن حاضرا بقوته، نافثا مراراته عبر كلمات تنساب في إيقاع يوازي معاناة الغربة الزمنية، فيتأرجح الوجدان بين الحزن والضياع، بين الخريف والنزيف، وليس ثمة مهرب رغم ما يحبل به الحب من ذكريات ظللها الهوى، وكساها الشعر والقصيد بردائه، فاختالت المعاني بين أحضان العشق، وانسكب العمر في فنجان الحبيب، لكن الزمن لا يلبث أن يكشف عن سراب الحب وأوهامه، فإذا القصيد بكاء على الأطلال، وإذا الأماني والذكريات التي مرت مر السحاب تنتصب شاهدا على التفجع والبكاء، وإذا اللازمة ((هَلْ عُدْنَا غَرِيبَيْنِ يَصْطَادُنَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ، أَمْ ضَائِعَـيْـنِ يَسْتَقْبِلُنَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!)) تتردد كأنها الزمن بكلكله يجثم على الذكريات والصور والأماني والأحلام، وإذا الحقيقة المُرَّةُ تنجلي عن أبواب الهوى الضيقة، وعما آل إليه أمر عاشقين أصبحا غريبين "يَصْطَادُهُمَا حُزْنُ اُلْخَرِيفْ" و "ضَائِعَـيْـنِ يَسْتَقْبِلُهُمَا أَلَمُ اُلنَّزِيفْ؟!". أبدعت سيدتي في رحلة الهوى، فتدفقت كلماتك بإحساس هو الشعر عينه. لك مني كل التقدير، فقد أنشدت ومتَّعْتِ.


  • مرحبا بالشاعرة المبدعة نجاة الزبابر

    تتألق القصيدة هنا بجمالية البوح الشفاف.

    والروعة في حضورك الشعري البهي الذي أضاف جمالا آخر لعود الند.

    قد عطر حضور.. الشعر.. زوايا المكان.

    دام لك ولنا هذا النزيف العذب.

    زهرة


  • ما الذي يخيم على تلك اللحظات التى ترثيها الأنثى قبل أوانها ليقينها أنها آتيه حيث تؤثر المواجهة على الهروب والأنسحاب
    وكأنها ترخي الجفون، لتذرف القليل من الدموع، وتتجلد بكثير من الصفح.


في العدد نفسه

عن مبدعة الغلاف

كلمة العدد 82: هل الأدب العربي (لا يزال) محظور(ا)؟

زهرة زيراوي: تكريم في المغرب

فاتن الليل: مساءلة الوعي الوجودي

تحديد النسب بالبصمة الوراثية