عشت مشاء منذ نعومة أظفاري، في مدينتي من الجنوب الشرقي، كانت لي جولات وجولات في حارتنا القديمة، وفي الغابة التي تجاورها، وتحت عند منحدر الوادي المحاذي لقصرنا.
وانطلاقا من هذا المنظور، تراني لا أقول عشت عمرا، ولكن يمكن القول مشيت عمرا، فعلا كان ذلك بالتمام والكمال، إذا ما اكتشفت أنني أربعينيا، أو يزيد.
أضف هذا إلى عمر المدرسة، التي قضيت فيها ما قضيت، على عمر الإعدادي والثانوي، ثم الجامعي والتعليم العالي، وتخرجت وبدأت أشتغل، وكان محل توظيفي هو مدينتنا، التي لا تبعد عن القرية التي كنا نسكنها (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
المشاء
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: المهدي كرومي -
الرسالة التي ...
25 كانون الثاني (يناير) 2013, ::::: عبد الجليل لعميريكانت المفاجأة غير سارة للفقيه سيدي عبد الباري، إذ حمل إليه العطار رسالة غير مألوفة، لعلها مكتوبة بلغة النصارى. حروفها غير عربية وتبدو كآثار ارجل دجاج على عجين. بهت الفقيه وهو يحاول أن يداري خيبته غير المسبوقة، فقد كان سيد مواقفه خلال عشر سنوات، يقرأ رسائل أهل الدوار، ويكتب أجوبتها. ويكتب حجاباتهم وحروزهم، ويبث في خلافاتهم ويفك طلاسم ارثهم.
عشر سنوات جعلته يصبح وريثا في كل شيء:
"الحاجة اللي ما شافهاش ليه فيها الربع. واللي شافها ليه فيها النصف." كما يقول العطار بلحاج للفقيه ممازحا.
إنه (…) -
طيف على جدار
25 أيار (مايو) 2013, ::::: فاطمة نزال=1=
تراءت له طيفا. كان كالغريق الذي تعلق بخشبة من حطام زورق على أمواج القدر الذي ساقها إليه. قرأت كلماته التي تقطر آسى ومرارة. حاولت مواساته، استفزته بتعليقاتها اللاذعة، جعلته يستيقظ من تلك النكسة التي أصابته بعد قصة حب فاشلة.
"عليك أن تتعملق في وجه مشاكلك، مثلك لا بجب أن يكون بهذا الضعف. من تركتك لا تستحق إلا النسيان. مثلك سيدي عليه أن يخرج من هذه القوقعة التي حشرت نفسك فيها طواعية تبكي حبا قد رحل".
كانت كلماتها كالصاعقة في وقعها عليه. كل من يتابع كتاباته يثني عليها ويجامله ويبكي أو (…) -
الأحـلام المـــوؤودة
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: مازن الرفاعيالنهار يودع الشمس والشارع يتحرك تحت مظلة من سحب الشتاء الداكنة الهاربة في كل اتجاه، المطر خفيف رقيق ناعم أنفاسه السريعة المتلاحقة تغسل الأرض، الإشعاعات الأخيرة من الشمس الغاربة تودع الرصيف المبتل تزحف خارجة من النافذة بعد أن وجدت لمسة من الدفء بجانب الموقد.
نظراته من النافذة تراقب عجلات العربات وهي تلتهم أرض الشارع الزلقة بنهم متجهة إلى هدف لا يدري به يلتفت إلى نفسه مخاطبا إياها قائلا: انظري إلى إطارات تلك الآليات كيف تدور متجهة إلى هدف لا تدركه ما أشبهها بأيامي، عربتي يقودها الفقر والطريق (…) -
تذكرة سفر
25 أيار (مايو) 2015, ::::: رانيا عبد العالكلما فتحتُ أشيائي القديمة، أفتش عن الخطاب الذي بعث لي به صديقي المقيم بإحدى الدول الأوروبية وما يحتويه من فرصة عمل. لقد قادتني أحلام الشباب المجنونة للهجرة التي غيرت مجرى حياتي، تركتُ كل شيء ورائي، كنت أبحث عن شيء جديد، شيء مختلف. اعتبرني الجميع محظوظا وقتها، لكني لم اكن أعرف أنني سأخسر الكثير.
عندما ذهبت وقتها إلى السفارة لأكمل الإجراءات، وجدت آلاف الشباب يصطفون جنبا إلى جنب محاولين أن يصلوا إلى تلك الفرصة التي صنعتها لي الصدفة، لهذا أعرف جيدا كيف يستطيع تجار الموت أن يبيعوا الأحلام، وكيف (…) -
السفينة
1 كانون الأول (ديسمبر) 2022, ::::: هشام البستانيالقصة أدناه منشورة في مجموعة قصصية للكاتب عنوانها "شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء". الناشر: الكتب خان، مصر، 2018.
. إلى فيصل درّاج، مُبحرًا في هذا العالم، مُتقيّئًا عليه؛
وإلى جبرا إبراهيم جبرا، صاحب السّفينة الأولى التي لا تُشبه هذه.
. عندما قالوا لنا إنّنا سنركب البحر إلى الإسكندرية، لم أتصوّر أن الأمر سيكون بهذا السوء، ولا تصوّره رجال ونساء كثر جاؤوا مُتأنقين ببذلات وفساتين رسميّة إلى المناسبة. حال وصولي تبيّن الاختلال الأوّل، إذ كانت السّفينة من النوع المخصّص لنقل المواشي، ولم (…) -
ذهب الخريف
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: هدى أبو غنيمةآنست الشجرة وحشتي في تلك الأرض الغريبة، وحشة فارس عربي غابت الشمس عن زمنه. وهل الفروسية صفة للرجال دون النساء؟ تراءت لي تلك الشجرة بألوانها الفاتنة والشمس الخريفية الحانية ترسل أشعتها بين الأغصان حكاية حياة.
أوراق خضراء وأوراق تميل إلى الاصفرار، وأخرى ذهبية اللون تتأرجح على أغصانها.
هبت ريح خريفية، فتساقطت الأوراق الذهبية على أرض الساحة المحيطة بالدار وتبعثرت في أرجائها.
كم من البشر يتساقطون كل يوم مثل هذه الأوراق! وكم من الحكايات المكتوبة على هذه الأوراق لو استطعنا تظهيرها أو أرهفنا (…) -
فتاة لها نكهة مدينة
25 أيار (مايو) 2013, ::::: مهند فودهلم تكُن مجرد غنوة اقتحمتني ذات ليلــة. كانت تعويذة سحر أصابتني. وربما كانت إحدى إمارات القدر التي أرشدتني لقدري من الحب الذي تجسد لي في الصباح التالي.
في صباح تمرح فيه الشمس قابلتها، صبية سمراء، خصلات شعرها تتدلى على جبينها كسلاسل حريرية سوداء.
تتزين بورود الياسمين كما تتزين طرقات مدينتي في الأعياد لاستقبال مُريديها.
تتبرقش بالخُضرة وشاحاً يلتف دون إحكام حول أكتفاها. وترتدي الأبيض شراعاً يتأرجح على صفحات تنورتها النيلية وخاتم إصبعها الفيروزي.
كل ما ترتديه من زينة هو عبق من تراثنا (…) -
الطاولة
1 شباط (فبراير) 2010, ::::: هويدا سليمأكثر من عشرين عاما وها هي في مكانها، لم تتزحزح قيد أنملة ولم يتغير شكلها، غاب من غاب بسبب السفر المؤقت في بلدان العالم أو السفر النهائي من الدنيا، ولكنها هي ظلت في مكانها هكذا، وكأن قوانين الزمن لا تنطبق عليها ولا تطالها، أو كأن الزمان نسيها. ابتسم هامسا لنفسه: أو علها تعيش خارج إطار الزمن.
سرح بخواطره قليلا تذكر ليلة شراء هذه الطاولة القابعة أمامه الآن بثباتها العجيب، شعر كأن ذلك كان بالأمس وليس قبل نيف وعشرين عاما، لعن ذلك اليوم الذي امتلك فيه هذه الطاولة التي صارت جزءاً منه هي وطقم (…) -
الكأس السابعة
1 أيلول (سبتمبر) 2019, ::::: نوزاد جعدانلم تعد تثق بشيء في هذه اللاجدوى التي تعيشها، لا تثق إلا بغرفتكَ وهي أيضا ليست ملكك إنما إيجار شهري من جيوبك الخاوية دائما، تحاول النوم، تتقلب، تعد أصدقاءك الذين ماتوا بدلا من عدّ الخراف؛ تلك الطريقة التي علمونا إياها في المسلسلات الكرتونية، تصادفك كوابيس مرعبة تحاول شنقها على حِبال البامياء التي كانت تعلقها جدتك أمام عتبة بيتكم في القرية، تلك التي تزوج فيها والدك في السابع من تموز عام 1977.
تعود لتحتسي من زجاجة الخمر بمنظرها الكئيب، تتجرع كأسك السابعة على الشرفة المطلة على مدينة عارية من (…)