عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » أرشيف الأعداد الفصلية: 2016- » أعداد السنة 15 » العدد الفصلي 17: صيف 2020 » كلمة العدد الفصلي 17: ويكيبيديا مصدر غير مناسب للبحوث الجيدة

عدلي الهواري

كلمة العدد الفصلي 17: ويكيبيديا مصدر غير مناسب للبحوث الجيدة


د عدلي الهواريرغم شهرة ويكيبيديا، لا بأس في التذكير بأنها موسوعة، أو دار معارف، رقمية، ولكن ليس لها محررون معتمدون ومختصون يكتبون فيها المعلومات الصحيحة في مجالات خبراتهم واختصاصاتهم، بل تعتمد على محررين متطوعين، وما على هؤلاء إلا التسجيل في موقع ويكيبيديا لإضافة مواد إليها أو تعديل مواد منشورة فيها.

قد تجد في ويكيبيديا معلومة تبحث عنها، ولكن هذا لا يجعلها مصدرا موثوقا للنقل عنه. إذا كانت ويكيبيديا مذكورة في الهوامش وقائمة المراجع، فأنت تعطي انطباعا سيئا عن جودة بحثك.

أفضل المراجع المعروفة بالأولية، كأن تتطلع مثلا على الوثائق الأصلية من رسائل أو مذكرات أو تقارير سرية عندما يكون بحثك متعلقا بحدث تاريخي ما.

ولكن لا تتوفر المصادر الأولية دائما، ولا مفر من الاعتماد على الكتب والمجلات والصحف، وإجراء المقابلات الشخصية، أو استخدام استبيانات، وغير ذلك من وسائل للحصول على معلومات لوضع نظريات أو الوصول إلى استنتاجات، أو مناقشة الأفكار ونقدها وتفنيدها. وهذا ضروري لتحقيق التراكم المعرفي وتطور الفكر والأفكار في عملية تراكمية لا نهاية لها.

لكن مناقشة الأفكار والتعامل معها تعاملا نقديا يتطلب معرفة صاحب/ة الأفكار، فلو تعلق بحثك بالاستشراق، على سبيل المثال، ولديك ما تقوله بشأن طروحات إدوارد سعيد فأنت تذهب إلى كتابه الشهير، الاستشراق، وتقرأه وتقتبس منه ما تريد مناقشته وتوجيه النقد إليه لعدم صواب الطرح أو عدم دقته لوجود أدلة لا تؤيده. أما فيما يتعلق بويكيبيديا فأنت تحصل على معلومة جاهزة أضافها إلى الموسوعة مصدر مجهول.

لكن المقلق أكثر بشأن موثوقية ويكيبيديا كمرجع الآراء والمعلومات المغرضة التي يضيفها أفراد مجهولون أو مؤسسات من خلال موظفين تكون مهمتهم فعلك ذلك. وهكذا يدخل شخص أو أكثر لتعديل صفحة متعلقة بشخصيات مناهضة للحروب أو ذات مواقف تقدمية لحذف معلومات وإضافة أخرى بغية تقويض مصداقية الشخصية والانتقاص من مكانتها.

اشتهرت في بريطانيا حالة محرر في ويكيبيديا كان يعدّل صفحات مجموعة من الشخصيات البريطانية، وفعل ذلك باسم فيليب كروس (Phillip Cross). المتأثرون بالتعديلات المسيئة إليهم (1) قالوا إن هذه التعديلات لا يمكن أن تكون من فعل شخص واحد، نظرا لحصولها في أوقات لا يعقل أن يكون قضاها شخص واحد. ولذا كانوا على قناعة أن هذا الاسم ليس سوى واجهة تختفي وراءها جهة تقوم بتعديل الصفحات بصورة منهجية.

بعد تكرر توجيه النقد لهذه التعديلات التي ليست من فعل شخص متطوع محب للمعرفة، ويريد أن يقدم مساهمة لمزيد من تراكمها، قررت ويكيبيديا منع صاحب هذا الاسم من تحرير صفحات الشخصيات البريطانية (2).

قد يستسهل الباحث اللجوء إلى ويكيبيديا، ولكن الاستسهال ليس من سمات الباحث الجاد الذي يقيّم المعلومات ومصادرها. حتى السهولة ليست عذرا كافيا للجوء إلى ويكيبيديا لأن مواقع المراجع الرقمية متوفرة بكثرة هذا الأيام. هناك الكثير من الكتب والدوريات المتوفرة في مواقع عديدة، أهمها في رأيي موقع (archive.org)، الذي تحول إلى مكتبة وأرشيف رقميين ضخمين فيهما الكثير من المراجع بمختلف اللغات، بما في ذلك العربية.

مستوى ونوعية بحثك لهما صلة قوية بجودة مراجع بحثك. لاستخدامك ويكيبيديا انعكاس ينتقص من قيمة بحثك. نوّع المصادر، ومحّص المعلومات، ولا تنقل دون تعامل نقدي مع المكتوب في المراجع، حتى لو كان الكاتب من أشهر المنظرين في مجاله.

= = =

(1) حرب غالاويه الكلامية مع محرر ويكيبيديا غامض.

https://www.bbc.co.uk/news/blogs-trending-44495696

(2) مدونة كريغ ماري، حروب المعلومات

https://www.craigmurray.org.uk/archives/2020/04/information-wars/

D 1 حزيران (يونيو) 2020     A عدلي الهواري     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

المجلات الثقافية الرقمية

عتباتُ النَّصِ في رواية تُرْجُمان الملك لعمر فضل الله

خطاب الإغراء وصناعة الوهم في الإعلام السمعي البصري

قراءة في كتاب "خربصات في أدب الرّحلة"

الرحلة والمدينة في قصيدة "غرق"