عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

مختارات: عز الدين المناصرة

الثورة الفلسطينية في لبنان: 1972-1982


د. عز الدين المناصرة: شاعر وأكاديمي فلسطيني. انتقل إلى رحمته تعالى يوم الاثنين، 5 نيسان (أبريل) 2021 عن عمر يناهز أربعة وسبعين عاما.

عز الدين المناصرةفي مطلع عام 1977، قررت العودة إلى مكان عملي، مسؤولا عن القسم الثقافي في [مجلة] " فلسطين الثورة"، الذي هو عملي الأصلي. وقرر عرفات أن يكافئني على جهودي عام 1976، فأرسل إليّ مرافقه الشخصي. كان العرض هو أن أصبح مستشارا ثقافيا للقائد العام، أو مستشارا عسكريا للعميد سعد صايل، برتبة رائد.

قلت له سأفكر في الموضوع. عاد لي مرة ثانية يطلب مني مقابلة القائد العام (أبو عمّار) بناء على طلبه. سألته: لماذا يريدني؟ قال: (الختيار) يريد عرض الأمر عليك رسميا وأضاف قائلا (وكان يحبني): "هذا الموقع مهم، حيث ستصبح قريبا من صاحب القرار الأول في الثورة الفلسطينية كلها، وهناك من يحاول أن يعمل على حجز الموقع، إما لمحمود درويش، وإما معين بسيسو، لكن (الختيار) يرى أنك أحق الناس به".

كثيرون من الأصدقاء ضغطوا عليّ، قائلين: "هذه فرصة العمر، قد تندم إذا ما رفضتها". ومن ضمن الذين استشرتهم كان محمود درويش (صديقي آنذاك)، فقال لي:" أن يكون إلى جانب القائد العام مثقف مثلك أفضل لنا من أن يتولاه آخرون من أشباه المثقفين".

ثم عاد لي المرافق مرة ثالثة وأخيرة، حيث بادرني بالمزاح: "نحن نقوم بتبييض الغرفة المجاورة لمكتب (الختيار) من أجل أن يكون مكتبك فيها". رغم ذلك كله، أبلغته ما يلي:

"أبلغ أبا عمار أني أشكره على ثقته بي، ولكنني أعتذر عن عدم القبول بالعمل معه. هذا هو جوابي القطاع والأخير".

استغرب مرافق عرفات، واستغرب أصدقائي موقفي، وقالوا لي قرارك خاطئ. ولم أذكر لهم الأسباب.

كان طلبي بسيطا، هو العودة إلى مكان عملي الأصلي، محررا ثقافيا لمجلة "فلسطين الثورة"، ففي غيابي في جبهة القتال في الشياح، وإدارتي لمدرسة أبناء وبنات مخيم تل الزعتر في الدامور، كلفت بنفسي الزميل سليم بركات أن يدير القسم الثقافي في المجلة بدلا مني حتى أعود. لم يكن أحد يصدق أنني سأرفض عرض (أبو عمار).

اخترعتْ لي جولة للسفر إلى تشيكوسلوفاكيا وهنغاريا وبلغاريا ويوغوسلافيا لإحياء أمسيات شعرية وإلقاء محاضرات عن الثقافة الفلسطينية، حيث سافرت إلى هناك بالفعل، ثم عدت إلى بيروت بعد شهرين. وكررت طلبي البسيط، هو العودة إلى رئاسة القسم الثقافي في "فلسطين الثورة". ولكن رئيس التحرير [أحمد عبد الرحمن] طنّش عن تلبية طلبي، حتى لا يصطدم بمحمود درويش، الذي كان يدعم سليم بركات لأسبابه الخاصة.

كنت أثناء جولتي في أوروبا الشرقية قد التقيت نيكولا توموف، رئيس اتحاد الصحفيين البلغار في حفل عشاء أقامه الاتحاد على شرفي في صوفيا، حضره عوني الناظر، مدير مكتب منظمة التحرير في بلغاريا. وفي هذا العشاء، طرح نيكولا توموف مسألة عدم وجود أي طالب دكتوراه عربي في مجال الأدب في جامعة صوفيا.

ولم يكن أي طالب عربي بالفعل قد حصل على درجة الدكتوراه في الأدب في جامعة صوفيا، بل لم يدرس الأدب سوى ثلاثة طلاب عراقيين حصلوا على درجة البكالوريوس فقط. وعرض فكرة أن أدرس الأدب المقارن. وكان توموف صديقا شخصيا لغسان كنفاني، ومن أنصار الثورة الفلسطينية. في ذلك اللقاء اعتذرت عن عدم قبول الفكرة، رغم تشجيع عوني الناظر لي على قبولها. في أيلول سنة 1977، اتصلت بعوني وأبلغته قبولي، وسافرت للدراسة في صوفيا.

كان أبناء المتنفذين في قيادات الثورة الفلسطينية يرسلون للدراسة في باريس ولندن وواشنطن، بل كان أقرباؤهم الذين لا صلة لهم بالثورة يرسلون إلى العواصم الغربي. وهكذا قال إميل حبيبي عندما التقيته في براغ لاحقا في إحدى السهرات: "لقد أرسلوك إلى صوفيا، كما أرسلني جماعتي إلى براغ. كلانا مبعدان منفيان".

= = =

المناصرة، عز الدين. 2010. الثورة الفلسطينية في لبنان: 1972-1982. عمّان: الأهلية للنشر والتوزيع. ص 284-285.

JPEG - 15.3 كيليبايت
غلاف كتاب عز الدين المناصرة
D 1 حزيران (يونيو) 2021     A عود الند: مختارات     C 0 تعليقات