أروى أبو مقدم - فلسطين
ليلة زفاف
نظرتُ إلى المرآة ربما للمرة المئة منذ هذا الصباح، وفي كل مرة أطرح نفس السؤال على نفسي، هل آن الأوان؟
الــزواج. كم كانت تلك الفكرة بعيدة عن ذهني بعدا تاما! كنت أسمع بها، لكن لم أتوقع أن أكون في يوم من الأيام في هذا الموقف.
عدت مرة أخرى إلى المرآة وعاد نفس السؤال. لكنه هذه المرة أصبح أكثر من سؤال. كيف يكون الزواج؟ ومتى سيكون ذلك؟ ومن هو الشخص الذي سأقضي بقية حياتي معه؟ وهل سأكون سعيدة؟
أسئلة كثيرة تطرح نفسها. لم يخرجني من دوامة هذه الأسئلة سوى صرير الباب وهو يفتح. التفتُ وإذا بها صديقتي سارة، تحمل ابنها بين يديها. دخلت وسلمت عليها.
"كيف حال عروستنا؟"
رددتُ عليها بابتسامة باردة ذابت بسرعة ليحل محلها شرود لتلك الأسئلة. انتبهت لبكاء طفلها بعد أن سقطت المصاصة من فمه. التفتُ فرأيت سارة تخرج صدرها وترضع ابنها الصغير. أحسست بشعور غريب وأنا أرى ذلك المنظر. انتابتني عاطفة حنان وشوق لأن يصبح لي طفل مثلها.
لم أشعر في ذلك الوقت بدخول أختي الصغيرة رهف إلى غرفتي. ملتُ لها وقبلتها وأودعتها كل ما أشعر به من اضطراب وكل ما يجتاح بصدري من أحاسيس متباينة. ليتني كنت في سن رهف، إذن لكان المشوار في البداية.
دخلت أمي تقول: "بالله أسرعوا يا بنات."
انتبهت وإذا بالضجة خارجا أصبحت أكثر من ذي قبل. نظرتُ إلى المرآة. لقد انتهيت من تسريح شعري، ولبست فستاني الأبيض. إذن ماذا الآن؟
لم أعرف كيف انقضت تلك الساعات. وجدت نفسي بجوار رجل. أردت أن ابتعد عنه. لكني أدركت أن هذا الرجل هو بعلي. لم أنظر إليه مرة أخرى لأني شعرت بالخجل.
هناك صوت يرتفع ثم ينخفض. إنه يطرق مسامعي. رفعت عينيي من على الأرض لأرى عشرات من العيون تحدق بي، وكأنها فراشات كبيرة تتجه نحوي.
ارتفعت ضربات قلبي فجأة عندما أمسك بيدي. وقفنا معا إلى جانب بعض. أردت أن أتخلص من يده لكني خجلت. سمعت صوت زغرودة عالية الصوت يرتفع أكثر وأكثر، والوجوه تزداد شيئا فشيئا.
هناك شيء يمسك بثوب زفافي. تجاهلته. أردت أن أمشي، لكن هناك ما يسحبني. نظرت، فإذا هي رهف تريدني أن ألتفت إليها.
أسرعت أمي وسحبتها من يدها بشدة، فصرخت رهف بأعلى صوتها:
"أريد أختي. أريد أختي. أريد أختي."
المفاتيح
- ◄ قصة قصيرة
- ● وماذا بعد؟
- ● النظّارة
- ● خرابيشُ خطّ
- ● بقرة حسين
- ● تاريخ