ولاء المصري - فلسطين
بين رحيله والغياب
إلى من يكفيني نزف الحروف في رسائله، فقد تموجت نغما يشدو بالوفا، أيار ينتفض، شارد الخطى إعشوشب فيه القلب المفؤود، من بين كل الفصول ينشد السلام والثنا في سره النديّ، خيوط نهاره أحبسها برفق لترتد في كياني وهجا، ثمة صوت يدعوني صداه يناديني لأرتاح إليه، إلى من بوجوده اندلقت روحي مني، يشدّني رسم شدقيه الساحر برهبه لأبحث عني، ينتشلني شعوره المغموس بالحمرة، ينبئني قلمه حبراً أن نبض قلبه يكتبني وجعا ويتوثب الغرق في اطمئنانه إليّ، إلى من ينفرط الحنان من أساريره ممسكاً عنه فوران الألم، إلى من تلح عليه الحيرة أن يجتر تباريح العجز لفرط ما يملكه من طيبة تلتهم كل صنوف الصلف والريبة، إلى من أنتظرة بتوجس، انتظار المأمول لقياه لينتهي بي الأمر إلى تبرير غيابه المزعوم بتصبّر مني محموم.
إلى صغيري الذي أحس أنه مسئول مني، هو الطفل الذي ما يزال يكبر فيّ. إلى من واعدته يوما في زمن ما، وتهيأ المكان ليجمعني به حول جداول ربيعية على تراب وطن ما، أو على مقربة من ضفتي نهر يحاذي تلة تستند على وجنتي الأفق ربما، أدمنت مسامرة الجبال للكواكب حينا ورافقت أسفار البشر في ماض تهدمت فيه المدائن، وحاضر تُشيّد على أرضه ناطحات سحاب، ومستقبل تتعاقب فيه القرون حيثما تتوالى الأيام، أي مشاعر غيبية تتسم بالنضج أجدها معك، مشاعر لا سقف لها لأن التضحية بإيقاعها عند طرفي العلاقة في إسعاد بعضهما تفوق حدود التفاني لتتجاوزه، وقودا يعصف في أوصال العاشقين فيملك كل منهما مصير الآخر، عندها يتّقد العقل عابرا تلابيب العاطفة وينفذ إلى قلبيهما معا لتوشوش لي جدران الغرفة وتخبرني، أن أحدهم قادم ليصحبني خلسة برفقة الأحلام إلى مكان يضج بالثرثرة ويخيم فيه النور.
ريثما يحل زمن الترحال، أسدل ستارة نافذتي، وأحجب عني ضوء القمر وأنت ترقد مصباحا أثيريا تضمه أوردتي ولا يكاد يفارقني هديك، أحمله بيدي أقرأ تفاصيله اليوم كما في الغد بلهفة الأمس. وإن جن الليل وغاب صوتك، ثق أني النسيم وأنت هفيفه، أناجيه لأنك من منحته معنى تنثره وإياي حلم حائر يجوب رحي الكون الفسيح، يرتجل خلفه ويلاحقه سرب من الضياع والوهم المتلاشيين، حلم آخر يقتفي اثر العطايا يطوي صفحات الفقد ويدرك المعجزة في جنون عابر يعم الأرجاء مداه.
لم يكن ليوصف قلبك بأنه أسود، لأن فترات اقفراره انتفت عنها صفة الملمح رقة ولينا، دع روحي تتوسد قلبك وتغفو فيه، بينما أنين ليل الحكايا بالقرب منك، يتدفق ضياء لا تفارق حناياه تحنان عناقنا في الجنة، أوله سهر تأملي ينهيه في آخره سفر نحو سماء، تتخللها نجوم لا تنام في عيون لا تنعس، ولأن فكرك يعتصر من عين الزمن المتثاقل بصمة تتوسد قلب الليل في محيّاه تراتيل سبقت ترانيم المحال، ومن إغماضة الخريف الغافي ينتزع دمعة تذرفها مواويل يحتدم رحاها في أسماعي سجال، تبثني شذرات تتلعثم عبرات على لساني حينها متعشقا في الفكر يتماهى فتحي، وبمقدمك الباشق تجمعني وميض هلالي، يعانق ضميرك الرخيّ في دارته ليسجل لديك، أن دعه يبعثني بنانا آخر ينير قلبي المظلم.
1 مشاركة منتدى
بين رحيله والغياب, هدى الكناني من العراق | 26 آب (أغسطس) 2013 - 23:54 1
سيدتي نص جميل وراقٍ . اكثر ما اعجبني
ريثما يحل زمن الترحال، أسدل ستارة نافذتي، وأحجب عني ضوء القمر وأنت ترقد مصباحا أثيريا تضمه أوردتي ولا يكاد يفارقني هديك، أحمله بيدي أقرأ تفاصيله اليوم كما في الغد بلهفة الأمس. وإن جن الليل وغاب صوتك، ثق أني النسيم وأنت هفيفه، أناجيه لأنك من منحته معنى تنثره وإياي حلم حائر يجوب رحي الكون الفسيح.
لقد نظمت الكلمات وصنعت منها عقداً زيَن النص كما يُزيِّن العقد جيد المراة الجميلة .
بالتوفيق
هدى الكناني
1. بين رحيله والغياب, 28 آب (أغسطس) 2013, 14:20, ::::: ولاء المصري فلسطين
العقد الاجمل هو القلب المشبوب على الوصال والوفا فيه طيّعته هي في ذاتها الأزلية ان صح التعبير .
أستاذة هدى الكنانى
شكرا لتعليقك الجميل الذي يضيف للنص ويسعدنى جدا مع تقديري