عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 2: 13-24 » العدد 20: 2008/01 » السّخرية عند القاصّ ساسي حمام: أداة لفضح الواقع

سناء شعلان - الأردن

السّخرية عند القاصّ ساسي حمام: أداة لفضح الواقع


سناء شعلانمن يقرأ في مجموعتيّ القاص التونسي المتميّز ساسي حمام "لاهثون معي" سنة 1982 و"قطع غيار" سنة 2000 لن يحتاج الكثير من الوقت ليعرف سبب إقلاله في الإنتاج، إذ إنّه عبر أربعين سنة لم ينشر مجموعات قصصية غيرهما، ولا غرو في ذلك، فهو قاص ينسج ما يكتب بهدوء وروية، دون انتقاص أو إخلال، ولخصلة صمته الطويل التي عزاها الناقد محمد بن مفتاح في مقالة له إلى العمق والتسامي عن الصغائر والانغماس في القضايا الفكرية أثر فيما يكتب (1)، فما يكتبه وليد تفكير طويل وتأمل عميق. والطّريف في الأمر أنّ ساسي حمام الرّقيق بطبعه لمن عرفه، الذي يترفّع عن أيّ تجريح لغيره أو نقد مؤلم نجده ساخرا لاذع السّخرية فيما يكتب في مجموعته القصصيّة الثانية "قطع غيار"، وهي سخرية تمتدّ إلى بناه السّرديّة، فتكوّن البطل المنكود في لوحة واقعية حزينة تؤرّخ لمعاناة الإنسان المعاصر دون تحديد لمكانه أو اسمه أو خصوصية معاناته، فالمعاناة هي بحدّ ذاتها هوية خاصة تحمل السّخرية بصمة لها. وهذا لا ينفي حقيقة أنّ ساسي حمام يعمل بحق على "انتقاء مواضيعه اللاهثة بحق والمتوغّلة في هموم الإنسان وقضاياه بوعي وتعاطف معها" (2)، وهي في الوقت نفسه كما يقول حسن عثمان "توفّر نكهة ومتعة إذا ما باشرها القارئ بوعي جمالي ومعرفي واكتشف اللامعقول فيها، وما تبطّنه في تلافيف لغتها". (3).

ساسي حماميلجأ ساسي حمام في قصة "قطع غيار" إلى السّخرية من بطل قصته الذي يستسلم لاستلابه وانهزامه، مقدّما بتلك السّخرية شكلا ذكيا من أجل انتقاد تساقطه، وجلد استلابه الذي لا يمكّنه من الوصول إلى تقبل الآخر والرضى به والاعتراف بوجوده بل الاعتراف -على الأقل- بحقه في أن يحبّ، ويعيش بالقرب ممن يجبّ، ويسلك طريقا عجائبيا فنتازيا في سبيل ذلك، ولعلّه بهذا الانزياح عن قوانين الطبيعة، والتواطؤ مع قوانين العالم العجائبي يكرّس بلا شك حقائق العالم المعيش بكلّ ما فيه من تناقضات وسلبيات، فهذا الخروج عن قوانين الطبيعة والنزوع إلى العجائبي (4) قد يكون شكلا من أشكال تأكيد القاعدة التي خرج عنها، وخرقها، لأنّ الخروج يسترعي الانتباه إليها، ويبرزها بكلّ جلاء. (5).

ففي هذه القصة نجد بطل القصة الذي يتولّى السّرد يقع في عشق امرأة أوروبية، وفي رحلة نهرية على نهر الرّاين يتفجّر ضعفه أمامها، ورفضها له، لا لشيء إلاّ لأنّه إنسان عربي، فتقول له: "إنّ شعرك الأسود وبشرتك السمراء يفصلانني عنك، نحن قطبان لا يلتقيان، نتكلم لسانين مختلفين، نفكر بعقلين مختلفين، نسمع بأذنين مختلفتين، نرى بعيون مختلفة". (6). ولأنّ ساسي حمام يعرف من أعماقه أنّ محاولة التغيير مستحيلة، فهو يصممّ على أن يخوض التجربة حدّ الجنون، فبطل القصة يقّرر أن يُرضي حبيبته الأوروبية التي ترفضه بأيّ شكل، وهي التي تنعى عليه عروبته وحبّه لعالمه، وتنصحه بأن يتزوج من عربية مثله: "أنتَ خلقت لغيري، قدرك أن تحبّ فتاة في لون بشرتك، تخضّب رجليها ويديها بالحناء، هاك جسدي خذ منه ما تشاء، اعبث به كما تريد، ولكنّي لن أحبّك". (7).

ويقرّر بطل القصة أن يغيّر رأسه بآخر أوروبي: أليس في بلاد قطع الغيار التي تغيّر كلّ شيء حتى أجساد البشر، ولا تعترف بالحبّ؟ وإنّما يريد أن يغير رأسه ليصبح منهم، أيّ أوروبي: "سأغير رأسي وأصبح واحدا منهم". (8).

ويغير البطل رأسه، ويصبح برأس أشقر وبعينين زرقاوين، ويطير إلى حبيبته التي ترفضه تماما من جديد، وتكاد تصرخ طالبة النجدة، فماذا تكون النهاية؟ الأوروبية رفضته رغم تغييره لرأسه، فخسر بذلك حبّها المأمول، وخسر رأسه، وخسر نفسه، وأصبح فقيد قومه الذين يبحثون عنه دون توقّف، ويعلنون عن فقده في نشرات الأخبار. إذن لا فائدة من التقارب مع الآخر، لأنّه يرفض ذلك بكلّ الأشكال، فلماذا نخسر أنفسنا في سبيل ذلك؟! ما بين السؤال والجواب الوحيد تكمن السّخرية من الأحمق الذي خسر نفسه في رحلة إرضاء حبيبته، فلو كان يملك القليل من الحكمة لعرف أنّ المحب بحق لا يطلب قائمة من التغيرات من حبيبه، بل يحبّه على علّاته، وعقابا للعربي على جهله، وعلى لهاثه الحموم والسّخيف وراء إرضاء الآخر كان عليه أن يخسر رأسه، ويخسر معه سعادته وحبّه وكرامته، أليست هذه سخرية كافية لهدير من الدموع والأحزان والندم الذي يلوّح ساسي به في آخر القصة لبطلها المأزوم؟

أمّا في قصة "زمن الجراح" من المجموعة نفسها فنجد العالم وما فيه من سحق للضعفاء والمنكودين لصالح الأغنياء يختزل كلّه في مأساة قتل ماسح الأحذية الطيب المسكين، الذي قُتل في ظروف مجهولة، وأصابع الاتهام تشير إلى الأغنياء الذين بدأ بمزاولة مهنته في حيهم الفاره، فكرهوا وجوده بفقره وبمهنته المتواضعة بينهم، وحاكوا مؤامرة للتخلّص منه. أليست هذه مهزلة جديرة بكلّ سخرية واستنكار؟ فمتى كانتْ النفوس ترخص إلى حدّ إزهاقها لأنّ أصحابها يملكون مهنا حقيرة في أعين السادة والأغنياء؟ ولكن هذا ما كان، ولا أحد يجرؤ على الإدلاء بشهادة خوفا من السادة. فيكون مصير ماسح الأحذية أن يُطلّ دمه، في وسط ضباب غريب يلفّ الأشياء، ويخفي الحقيقة، ويخيف النّاس، ويسكن السّجون التي امتلأت ظلما بالمتهمين والنّزلاء على ذمة التحقيق الذي لم يسفر عن أيّ نتيجة حقيقية.

أمّا في قصة "ثلج...النار" فالخوف والضياع والتشظّي في عالم مهووس بالجنون والخوف تسمح لبطل القصة بأن يخرج هو الآخر عن قوانين عالمه، ويبدأ بحثا عجيبا عن نفسه التي تنفصل عنه لتحاكي انفصام عالمه، وتغادره، فيبحث عنها دون فائدة: "وأبحث عن نفسي بين هذه المكعبات المتربعة على حافة الشوارع، على صفحات الوجوه التي تعترضني، على أكداس المزابل، فلا أجدها" (9). فالواقع المحموم بالضيق والمآسي يسمح بسخرية مخيفة للأنفس أن تفارق أصحابها، لتبتعد بعيدا، ويكون لزاما على أصحابها أن يطاردوها من مكان إلى آخر كي يستردوها، ويعيدوها إلى حضائر أجسادهم المعذبة.

ويعود النفس التهكمي الغرائبي إلى التعالي في قصة "على أهداب الشمس"، فبطل القصة يعاني من مرض النّوم الذي يهاجمه في كلّ مكان، ويفسد عليه حياته، ويعجز عن أن يجد له علاجا، وفي ليلة استيقاظ واحدة نعرف سبب هذا المرض الذي يغدو مفرا وحيدا للبطل من واقعه المدان بكلّ البشاعة والجرائم، والذي يتهالك على المتع الحرام، ويغرق في الوحل والنقائص (10)، التي يعجز البطل عن تجّرعها لليلة واحدة، فيجد مفرا أخر من حياته، ألا وهو الموت وحيدا حزينا مجهولا على قارعة الطريق، لا أحد يعرف من يكون.

وفي قصة "الرحيل إلى مدائن الشّمس" تختفي الشّمس لسبب مجهول تاركة الدّنيا في ظلام، والأحوال من سيء إلى أسوأ، حيث يستغل الجشعون غيابها ليزيد ثرائهم على حساب الفقراء والمنكودين الذين يزدادون بؤسا بغيابها، ولكن بطل القصة الثائر الصامت يبقى مؤمنا بأن الشّمس ستعود يوما: "بقيت وحيدا لأنّي كنت موقنا بأنّ الشمس ستظهر في سمائنا الزرقاء الصّافية كما ظهرت أوّل مرة حمراء قانية ملتهبة، فتملأ القرية حركة ونشاطا وحرارة، وترجع إلينا حقولنا ومزارعنا" (11). ويصدق حدس البطل، وتظهر من جديد. وحينما يسرقها الملك، ويسجنها في قصره ليكتمل جماله عملا بنصيحة عجوز القرية التي كانت تهدف إلى إهلاكه، تتجلى السّخرية في أبشع صورها، فالشّمس ما كانت لتغيب لولا ظلم السّلطان وجوره، وفي اللحظة التي ظهرت فيها من جديد معلنة ولادة جديدة لحق، يستولي عليها السّلطان من جديد، ويسجنها في قصره كي تكون فقط لمتعته وسعادته ولاستكمال جماليات قصره، في حين يّحرم منها الشّعب الذين تمثّل الشمس لهم شكلا من أشكال استمرارية حياتهم الطبيعية، وبدونها فسوف يكون الموت هو مصيرهم. ولكن الشعب يثور أخيرا على سلطانه الجائر، ويفتك به، ويقتله، ويستعيد الشّمس، ويعلّقها في ساحة القرية، لتصبح هاجس البطل المتمرد على واقعه من أجل البقاء في القرب من الشمس.

في قصة "العائد" يخفت صوت الاحتجاج ليهمز من بعيد العلاقات الاجتماعية الواهية في حياة المدينة، التي يجهل الكثير من البعيدين عنها برودتها وقسوتها، فيتمنّونها لجهلهم، وهم لا يدرون ما يدور فيها من تساقط، وإهمال لإنسانية الإنسان، حتى أن هذه المدينة بوقعها السريع قد لا تلتفت ولا تنتبه لبطل القصة الذي تشبّ النّار فيه، وتحرقه حدّ التفحّم، فلا يجد من ينتصر له، ويهبّ لنجدته، حتى يغدو كتلة من الرّماد الأسود. (12).

والسّخرية هي قوة بنائية في النّسيج السّردي عند ساسي حمام في سبيل تجريد عيوب واقعه من أيّ وقار مزعوم تتحلّى به، وهو بذلك يعرّيها أمام المتلقي الذي لا يتردّد في أن يضحك ملء شدقيه ليصطدم بالمرارة الفاجعة التي تجعل لزاما عليه أن يعترف سريعا ببشاعة الواقع في بعض تفاصيله، وينحاز إلى إنسانيته، ويغرق في بكاء مرير يجعله يدرك أن ساسي كان يبكي وهو يكتب، وما ضحكه وسخريته إلا نوبات من الحزن المؤجّل، وطريقة استعراضية تجميلية لأحزان مشوهة، فساسي يدسّ الفجيعة في ضحكنا كما يدسّها في سخريته، وهذا ما نراه في قصة "السباق"، فالبطل المجهول الاسم، وصفته الأساسية والأهم هي أنّه عداء عتيد، وذلك ليس وفق رأيه أو إمكانياته، بل وفق ما قرره المسؤولون في قومه، اعتمادا على تاريخ مجيد من عدائي عائلته الذين هم ثروة البطل الوحيدة: "وقفزت إلى ذهني صور أجدادي وآبائي التي علّقتها على جدران البيت، وبالغت في حفظها والميداليات الذّهبية المتنوعة التي وضعتها في صناديق من البلور، وأحكمت إغلاقها خوفا عليها من الغبار واللصوص". (13). أمّا الكفاءة المطلوبة والقدرة المرجوة والتدريب المستمر، وجميعها عماد للتميز في رياضة عمادها اللياقة والتدريب الدؤوب فهي أمور كانت مهملة عند البطل، على الرغم من أنّه طالب بها، لكن الجهات الحكومية تحججّت بالرفض بحجة ضعف الإمكانيات المادية (14)، وشجّعته على السفر لاغتنامه للتسلية والسياحة والمتعة، فماذا كانت النتيجة المضحكة المبكية؟ لقد خسر البطل في مسابقة الجري، وعاد يحمل الخزي بعد أن حاول أن يكسب بالاحتيال، فكشف، ولطّخ تاريخ الأجداد بالهزيمة. إذن ساسي يقول لنا بسخريته البارعة: لا يكفي تاريخ الأجداد، وإن كان ماجدا، للتفوق في الحياة المعاصرة دون عمل واجتهاد.

وهذا النفس السّاخر يتكرّر من جديد في قصة "الخوذة والكسوة"، فالعائد من المعركة يتلف وقته ووقت القرية باستعراض بطولاته المجيدة في المعركة، وكي يستحضر تلك البطولات بكلّ تجلياتها لا يخلع بذلته العسكريّة أبدا، وتكون المفاجأة عندما يضطر لذبح ديك لوالدته، فيسقط مغشيا على الأرض عند رؤيته للدم، ويفتضح أمر كذبه، فيغادر القرية دون رجعة.

ويعلو صوت السّخرية الممزوج بالحرمان والمرض والانتظار في قصة "النائب"، ففي هذا القصة يُختار نائبٌ للقرية بإرادة حكومية خفيّة، ولا أحد من القرية يعرفه: "التجأوا إلى شيوخ القرية فعرفوا أنّ أباه كان يسكن هذه القرية، وأنّه قد باع أملاكه، ورحل منذ مدة طويلة، وهو مستقرّ الآن بالعاصمة". (15). ويؤمّل النائب أهل القرية ببناء مستوصف طبي، ويطول الانتظار، ويختفي النائب زمناّ طويلا، ثم يعود على حين غرّة، ويقوم بجولة في المكان، ويتنفّس الجميع الصعداء أملا في تحقّق حلم المستوصف، وتتجلّى الحقيقة السّاخرة من أحلام المرضى والمنتظرين عندما يعرفون أنّ النائب في صدد اختيار مكان على الشاطئ لبناء قصر له.

والسّخرية عند ساسي حمام ترتبط بتاريخ الأحزان والنكبات، ففي قصة "الزيارة" يُبّلغ أهالي القرية بزيارة مرتقبة للأمير لتفقّد أحوالهم، ويأملون أن تحمل الزيارة الخير لهم، وتخفّف من وطأة فقرهم، لكن شيخ البلد يجبرهم على التبرّع الجائر المرهق لميزانياتهم لتجميل القرية كي لا تؤذي مشاهد الفقر الأمير، ويُجبرهم كذلك على الاصطفاف لاستقبال الأمير وهم متعبون وجياع وحفاة (16)، وعندما لا يهلّلون لدراهم السّلطان القليلة التي تختزل مأساتهم في الزهيد الحقير يصبّ الأمير العذاب عليهم بدلا من أن يكون اليد الحنون التي تمتدّ لتنتشلهم من بؤسهم، ويقود الكثير منهم إلى سجونه الرّهيبة، ويؤرخ بزيارته المشؤومة سطرا جديدا في سِِفْر شقاء القرية. أليست النّهاية ساخرة إلى حدّ الفجيعة؟

السّخرية عند ساسي حمام نافذته المتعالية على الجراح، فعبرها يرى السّقوط والتهافت، فيوهم المتلقّي بأنّه يقصد السّرد البريء المحايد الذي ينتصر للضحك والتسلية، في حين إنّه يورط المتلقّي بمهارة سردية رفيعة في معضلته، ويجبره على التعاطي مع واقعه بكلّ ما فيه من مرارة وصراع وانكسارات، ويضعه أمام تحدياته مباشرة، ويحمّله وزر الصمت والتواطؤ والضعف، ساسي حمام يلعب بالسّخرية، ويقدّمها بديلا حقيقيا للبكاء، ويجهلها محرّضا حقيقيا ضد قوى الظلم، دون إن يكلف نفسه عبء الاصطدام المباشر بها.

= = =

قائمة المراجع والمصادر

1- محمد بن مفتاح: ساسي حمام القصّاص الحكيم، مجلة الملاحظ، تونس، العدد 741، 11-9-2007م.

2- أحمد لحباشة: مقدمة المجموعة القصصية "لاهثون معي" لساسي حمام، ط1، الدار العربية للكتاب، تونس، 1982، 1.

3- حسن بن عثمان: من خاتمة المجموعة القصصية" قطع غيار" لساسي حمام، ط1، الدار العربية للكتاب، تونس، 2000، 102.

4- انظر مصطلح العجائبية: سناء شعلان: السّرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن، ط2، نادي الجسرة، قطر، 2006، 13-63.

5- عبد الفتاح كليطو: الأدب والغرابة :دراسات بنيوية في الأدب العربي، ط2، دار الطليعة، بيروت، 1983، 36.

6- ساسي حمام: قطع غيار، 8.

7- نفسه، 7.

8- نفسه، 9.

9- نفسه، 21.

10- نفسه، 25-27.

11- نفسه، 41.

12- نفسه، 48.

13- نفسه، 50.

14- نفسه، 50.

15- نفسه، 67.

16- نفسه، 77.

D 1 كانون الثاني (يناير) 2008     A سناء شعلان     C 0 تعليقات