في ربيع السنة الأخيرة لدراستي الثانوية واستعدادا لامتحانات التوجيهي انتحيت مكانا شرقيا من القرية الوادعة الحالمة على سفح الجبل. كنت أعتقد أن الدراسة بصوت عال أسهل للاستيعاب بسبب استعمال حاستي البصر والسمع. عملت مسارا صغيرا طوله نحو مئة متر أقضي معظم ساعات النهار رائحا غاديا في ذاك المسار القريب من أشجار الزيتون والتين وأحضان الطبيعة التي كانت تتزين بأجمل وأزهى الألوان، حيث الزهور البرية تتماوج بشكل بديع متكئة على بعضها البعض عندما تعبث بها نسمة رقيقة فتحنى رؤوسها ووريقاتها وتيجانها الزاهية. (…)
الغلاف > المفاتيح > مقالات > ذكريات وسيرة
ذكريات وسيرة
المقالات
-
أنا والعصافير
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: عبد الحميد صيام -
شقة طالب
1 أيلول (سبتمبر) 2022, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصشقتي في بلاد الحرية كانت تتكون من غرفتين صغيرتين، ومطبخ وحمام. تدخلها فتدخل إلى المطبخ أولا. طاولة الطعام الصغيرة تكاد تعترض على فتح الباب بشكل كامل. الشقة بكاملها بالكاد تكفي لشخص واحد. ومن أجل أن يبقى فيها متسع للحركة، كان لا بد من الحد من الأشياء التي توضع فيها. ولم يكن هناك الكثير لوضعه في الشقة: سرير واحد. طاولة واحدة. جوارير ملابس. أما في المطبخ فهناك مقلاة وملعقة وسكين وشوكة وفنجان للشاي.
الحمام في الشقة يحتوي على بانيو قديم. والبانيو لا يتخلص من الماء بسرعة، ومواسيره تغلق من حين (…) -
ذكرى تكفكف دمعها الذكرى
26 كانون الأول (ديسمبر) 2015, ::::: هدى أبو غنيمةالنص أدناه فصل من كتاب "سيرة منفية: من أوراق الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة". التفاصيل في ختام النص. . بقي د. صبحي أبو غنيمة في دمشق زعيما للمعارضة السياسية الأردنية في المنفى حتى نهاية عقد الأربعينيات. وقد التف حوله الطلبة الأردنيون والدارسون في سوريا. كما كان منزله ملتقى المعارضين الأردنيين، الذين كانوا يترددون على العاصمة السورية بين فينة وأخرى، وبينهم اندست عناصر كانت مهمتها رصد نشاط صبحي أبو غنيمة في دمشق عن كثب ونقل الأخبار إلى عمان.
وكثيرا ما صيغت تلك الأخبار صياغة هدفت إلى تعميق (…) -
رحلة في الماضي البسيط (*)
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: إبراهيم يوسفكان لي بالأمس قلب فقضى
وأراح النّاس منه واسْتراحْ
ذاك عهد منْ حياتي قد مضى
بين تشبيب وشكوى ونواحْ
(جبران خليل جبران) . منذ عقود طويلة من الزمن، مع نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، طويت الحكاية في نفسي وألقيتها جانبا، وقلت ذاك عهد من حياتي قد مضى. لكنّ الحكاية تمرّدتْ عليّ، وأبتْ إلا أن تستفيق لتؤرّقني من وقت إلى آخر؛ وتكدّر هناء عيشي. لعلّها "الانطباعات يتلقاها المرء في طفولته، تحفر مدى العمر آثارا عميقة في القلب"، على ما يقول أونوريه دي بلزاك (*).
تلك الأيام كانتْ وسائل التدفئة (…) -
النور الجميل
1 آذار (مارس) 2022, ::::: شفاء داودلمْ أخرج خروجا طبيعيا واحدا في حياتي قط. جميعها كانت أشبه بولادات قيصريّة اقتضت مساندة فريق طبّي كامل يعي أنّ العمليّات الدّقيقة المعقّدة لا تكفيها مهارةُ قابلة قانونيّة معروفة واحدة. كلّ خروج كان يُهيّئُني لنضج يستدعي خروجا أكبر من بعده.
كلّ عتمة كنت أحسبها الأخيرة كانت تتبعها غياهبُ ودُجى وظُلمات. أمضيتُ العمر بحثا حثيثا عن نور جميل، فما رأيته جليّا، وما وجدته بهيّا سنيّا كما كان يبرق فجر كلّ ليلة أخيرة تسبق طلعة نهار الخروج العظيم.
حين تخرّجتُ من الجامعة، كنت أحلم كما يحلم الحالمون. (…) -
على كرسي لويس الرابع عشر: ج1
25 تموز (يوليو) 2015, ::::: إبراهيم يوسفملاحظة من الكاتب: هذه الحكاية لم أروها في موضوع: "عندما تركت سكني في المدينة"، النص المنشور مؤخرا في ثلاثة أجزاء، اعتقادا مني أن الحكاية تستحق أن أخصّص لها موضوعا مستقلا، لا سيما أنني تذكرت الواقعة وأنا أقرأ في العدد 107 من "عود الند" موضوع الكاتبة لبنى ياسين: "ألوان لا تليق بالفقراء".
حينما وصلت إلى باريس؛ كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، والصقيع يخترق الثياب الصوفيّة الدافئة ويتغلغل في لبّ العظام. وصلتها بالقطار القادم من تولوز؛ في أقصى جنوب الجمهوريّة الخامسة، التي ناوأ (…) -
لم يكتمل حواري مع نافذتي
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: نازك ضمرةكعادتي أعود إليك يا نافذتي، حين أفيض شوقا لحريتي التي اعتدت عليها مدى عمري الذي طال. أكاد أشبهك أيتها النافذة في سكونك وثباتك، على الأقل في الأيام والسنين القليلة الماضية.
لا أدري أينا افضل حظا، أنت مطمئنة راسخة مثبتة في مقرك، وليس بمشيئتك، لكنك ربما اعتدت على هذا المقام، أما أنا فما زال لدي هامش حرية بسيط، أتسمر أمام شاشة التلفاز لساعات، ممددا على أريكة طويلة، ملتني من ثقلي وقلة حركتي، مثلك أيضا ليس بمشيئتي.
لا أجرؤ على مخاطبتها وعلى مسمعها أنني مللتها أنا الآخر، كتمتها حتى لا أغضبها أو (…) -
أثقل من رضوى
30 أيار (مايو) 2014, ::::: هدى أبو غنيمةأن يكتب الإنسان سيرته الذاتية أمر مألوف، وهو يتأمل تيارها المتدفق. ولكن الكتابة عن الحياة، وهو يخوض غمارها ويصارع لججها مسجلا اللحظات المصيرية: مواجهة المرض ومواجهة الخيبات والطغيان والفساد، آنفا أن يموت جبانا، نص له وهج الجذوة المتوقدة في الروح المبدعة؛ نقرأ في ضوئه تجليات النفس الإنسانية في طبقاتها المتعددة وتتراءى لنا أطيافها، فإذا نحن نفس واحدة.
"قد تفلت السنوات من حدودها، لأن أعمارنا كما هو معروف تفيض عن أعمارنا، وتقفز بلا استئذان إلى ما قبلها أو ما حولها، وتمتد متشعبة في التاريخ (…) -
أنا والبابوشكا (*)
1 كانون الأول (ديسمبر) 2010, ::::: سحر خليل(*) البابوشكا: كلمة روسية تعني الجدة أو المرأة العجوز. الدبلونكة: كلمة روسية تعني معطفا مزدوجا مخملي المظهر يقي برد الشتاء. . انت ليلة باردة يكسوها الثلج الدافئ، وكانت حباته تتساقط كاللؤلؤ الدرّي، يضئ سماء ليلة عيد الميلاد بفرحة الانتظار، وكرات الثلج البيضاء تتراقص متناثرة وهي تهبط من سماء ليلة الرحمة، تعزف ألحانا لم تسمعها الأرض من قبل، فتشدو أصواتا ملائكية بسمفونية رحمانية تعلن بداية عام جديد بانطلاق عيد المسيح في تلك البلاد البعيدة، بلاد من ثلج وصقيع.
وما أن تسمع الأرض ذاك النشيد (…) -
عندما تركتً سكني في المدينة/ج1
26 شباط (فبراير) 2015, ::::: إبراهيم يوسفإذا كان المحرك في الطائرات بمكانة الروح من الجسد عند الأنسان، فإن أهمية "القائمة" والعجلات “L,atterrisseur” في الطائرات لا تقل عن أهمية القلب والروح جنبا إلى جنب.
منذ بداية الأحلام التي راودت البشر في التحليق وتقليد الطّيور، ومن عهد ليوناردو داڤينشي وعباس بن فرناس وحتى داسُّو وما بعد، بذل العلماء جهودا جبارة ففعَّلوا خيالهم وشحذوا عقولهم- ثم سخَّروا في صناعتهم العلوم وقوانين الفيزياء والكيمياء والرياضيات وأنواع المعادن من الألمينيوم والكروم والنحاس والتيتان.
هذه العلوم والمعادن كان بعضُ (…)