منى علي الحضري - مصر
سيدة الأحلام
يراها موهوبة ملهمة، ولكنه لا يعلم أنه أصبح مصـدر الإلهام لديها، بل أصبحت على يقين بموهبته التي لا يمتلكها سواه ممن تعرف.
ومن قال إن الموهــبة تعني فحسب أن نكتب أو نرســم؟ إحساسه العالي موهبة متفردة ينم عن فطرة ســليمة وذكاء متقد. قطرة هي في نهـره العــذب، ولطالما تعلمت منه.
نظرته للأشياء تعجبها بقدر ما أدهشتها كثيرا من قبل، وصنعت بداخلها عشـرات وعشـرات من علامات التعجب.
مع الوقت أيقنت أنه لا يراها مجرد كلمات وعبارات فحسب كما ظنت يوما، إنما يؤمن بها، وبات يحـلم لها ومعها، ويريد لها براحا يبدأ من إيمانها بنفسها.
كيف تـنسى ذاك اليوم الذي قرأ لها أول قصة قصيرة، وهي من كانت تكتب دونما بلوغ النهاية، لدرجة جعلتها تعتقد أن قدرها المحتوم صنع بدايات تبدو جيدة في حين تظل نهاياتها مُعلقة بلا منتهى.
ذاك اليوم الذي تحفظ تفاصيل حديث جمعها به عن ظهر قلب وكأنما تسمعه الآن حين بادرها مثنيـا عليها:
"أسلوبك جميل، ومخـتلف كما عهدتك".
"أشكرك، ولكن التخاريف دائما جــميلة".
"تخاريف؟ إنه الخيال. وثمة فرق شاسع بين الخيال والتخاريف".
"أعلم ذلك، فالتخـاريف وهم، مجرد وهم".
"والخيــال، أو بالأحرى خيالك الخصب هذا؟"
"مُسكنات؛ بانادول".
"لا أظن؛ لنقل الخيال أمنيات".
"أم أمنياتنا الممكنة؟ ولكني اعتقد أن لا مكان للخيال في سياق حياتك".
وأضاف ضاحكا: ""سيـاق أم سبـاق؟"
"نطقـتُها سيـاق، ولتسمعها كما يحلو لك، فما يهمني هنا الإجابة".
"قطعا، كل منا يمتلك الخيال، أو بعضا منه. وأنا كسائر البشر".
"أما أنا فالخيال لديّ لا يعنى سوى أحلامنا المستحيلة".
"ولكني لا أعترف بالمستحيل، فدائما هناك سبيل؛ دليل؛ وربما بديل. المستحيل الأوحد أن أؤمن يوما بوجود ذاك المستحيل".
"إذن فأنا على حق، ولا مكان للأحـلام في حيـاتك".
"وهل أنكرت ذلك؟ أنا بالفعل لا أحـلم".
"لم؟"
"لست أدري"، وضاحـكا أضاف: "هل تعرفين أنتِ لم؟"
"ربما لا وقت لديـك للأحـلام، أو ...".
"أو ماذا؟ فلتكملي إذن. هيّا أريد أن أعـرف".
"لا شيء غير أن حياتك تبدو كسيمفونية مدوزنة، والخيال فيها سيبدو كما لو كان نشازا صاخـبا ومزعجـا".
"لستُ معكِ على الإطلاق، فالخيال يستحيل أن يكون نشازا. استحالة".
ها هي تضحك دونما إرادة منها. يبادرها متسائلا:
"أضحكتك الاستحالة إذن، ولكني هنا أراها استحالة حتمية، فالأحلام موسيقى الحياة الناعمة وليس العكس".
"ما أجمل هذا الوصف، ولكنك تحـلم يا سيدي وربما أكثـرنا أحــلاما".
"أوضحي أكثر، فكيف أحـلم وأنا بكل صدق لا أرى ذلك مطلقا؟"
"بل تحلم، وكل ما هنالك أن حُلمك لغيرك كما هو واقعك".
"ربما، وما أجمل أن يكون حُـلمنا امتدادا لواقعنا!"
"يعجبني منطقك جدا، على الرغم من أنه بعيد عما يحدث، فعادة نلجأ للحلم فرارا من واقع مؤلم، أو ...".
"أو ماذا يا سيدة الأحــلام؟"
"سيدة الأحلام؟ وهل لي، أو لغيري، أن أسود الأحلام؟"
"هكذا أراكِ. فلتحلمي. أما أنا، فعلى يقين بأن يوما غير بعيد سيأتي، وستبلغين أحلامك، أو بعضاً منها، عما قريب؛ قريبا جدا".
منذ ذاك اليوم أيقنت أن ثمة فكرة بداخلها صنعها فيض إحساسه الطيب أضاءت ظلام أعماقها. ولطالما كان الفكرة كما كانت القلم.
= = =
2 مشاركة منتدى
سيدة الأحلام, احمد عبد الباسط | 31 أيار (مايو) 2017 - 22:53 1
«جميلة» يا سيدة الاحلام: اسلوبك جميل ومتفرد كما عهدتك، واتمنى من الله ان يحقق لك كل امنياتك، مع خالص امنياتي بالتوفيق والنجاح.
1. سيدة الأحلام, 1 حزيران (يونيو) 2017, 17:53, ::::: منى الحضري - جمهورية مصر العربية
شكراً أخي الكريم على تشجيعك الغالي، سعيدة بكونها راقت لك.
دمت طيباً وكل من تحب، ولك مثل ما تتمنى لي من خير ألف ألف
وزيادة، ورمضان كريم.
منى
سيدة الأحلام, وسام أبو حلتم. الأردن | 3 حزيران (يونيو) 2017 - 23:07 2
لولا الأحلام لما تناسينا وجع الواقع،
من منا لا يحلم؟ من منا يستطيع إنكار هذه الحقيقة البشرية التي ولدت في أنفسنا منذ أن كنا أجنة؟
وها نحن نقف أمام "سيدة الأحلام" نرفع لحرفها القبعة ونعيش تفاصيل أحلامها.
أحسنت يا سيدة الأحلام ولتستمري بإنجاب أحلامك الجميلة كهذه الحروف الرائعة.
1. سيدة الأحلام, 9 حزيران (يونيو) 2017, 16:08, ::::: منى الحضري - جمهورية مصر العربية
صديقتي العزيزة وسام
بدايةً أشكرك على جميل تشجيعك لي، وأتمنى أن يصير لنا من أحلامنا الغالية حظاً موفوراً من سعادة وهدأة روح وعذوبة قلب.
عزيزتي: قرأت رسالتك الرقيقة مرات ومرات وفي كل مرة استوقفتني عبارتك (ولتستمري بإنجاب أحلامك الجميلة كهذه ...)، وكأنك تشعرين بي وأن حروفي كما وليدي الذي أخاف عليه من النسيم وأفديه بحياتي وأنتقي له أجمل الثياب كما أنتقي حروفي بعناية غير مقصودة في أغلب الأحيان وكأنما تلقنتهاأناملي عن ظهر قلب.
تحياتي، ودمتِ طيبة على الدوام.
منى