زهرة يبرم - الجزائر
من التعليق إلى الكتابة
ملف: عود الند تكمل عامها العاشر
"وشدني التحاور الراقي بين القراء والكتاب. ولم أغادر الموقع في ذلك اللقاء الأول إلا وقد تفاعلت مع إحدى القصص وتركت تعليقا بمساحتها الحرة. وأذكر أن ذلك كان في الشهر الأول من العام 2012".
لم أكن أكتب أو أفكر في الكتابة لما تعرفت صدفة على مجلة "عـود الـنـد" الثقافية. كنت أعشق القراءة بلغتين بالتساوي، العربية والفرنسية. وأنا الآن ممتنة كثيرا لتلك الصدفة التي جعلتني أتشجع وأطور مهاراتي اللغوية، ثم أخوض مغامرة الكتابة بالعربية، لما وجدت موقعا راقيا كـ"عـود الـنـد"، وناشرا مشجعا للمواهب كالدكتور عدلي الهواري.
بدأت قصتي مع "عـود الـنـد" في يوم كنا نتناقش عائليا حول شخصية جزائرية، وهو مولود قاسم نايت بلقاسم، ولكي أعرف المزيد عن هذه الشخصية وأتأكد مما اختلفنا فيه، دخلت النت، فرسوت من بين اقتراحات غوغل على مقال مفصل منشور بهذه المجلة.
بعد الانتهاء من قراءة المقال، انتبهت إلى أنني وقعت على كنز من البحوث والدراسات وأدب القصة القصيرة وغيرها من المتفرقات. تصفحت المجلة، وقرأت عددا من المواضيع التي استهوتني عناوينها، وانتبهت لوجود وصلة أسفل كل نص تسمح للمطالعين بترك انطباعاتهم وتعليقاتهم.
وشدني التحاور الراقي بين القراء والكتاب. ولم أغادر الموقع في ذلك اللقاء الأول إلا وقد تفاعلت مع إحدى القصص وتركت تعليقا بمساحتها الحرة. وأذكر أن ذلك كان في الشهر الأول من العام 2012.
في اليوم التالي، عدت لذات الموقع، فرَاق لي أن وجدت تعليقي منشورا ومصحوبا برد لطيف من كاتب القصة. صرت بعد ذلك أتابع المجلة بانتظام وأعلق على نصوصها كثيرا.
كتابة تعليق في مجلة أدبية ليس أمرا سهلا، بل يتطلب من كاتبه أن يكون قارئا جيدا، ورصيده اللغوي ثري بما يكفي ليتحرك بمرونة. ولأول مرة انتبهت بجدية إلى مستواي في اللغتين التين بحوزتي، فلم تكن عربيتي ولا فرنسيتي بالمستوى الذي يخولني للكتابة بأي منهما. ورأيت أنه بات لزاما علي أن أهتم بلغة منهما على الأقل، كي تكون أداتي في الكتابة.
ووقفت مع نفسي. أي لغة أختار؟ وكنت جادة في ترددي، ولا أبوح بسر إن قلت أن الفرنسية بدت لي أيسر، فهي لغة دراستي وأجندتي اليومية. لكن العربية لغتي الأم ولغة القرآن الكريم، ورمز هويتي، والكتاب العربي رافقني منذ المرحلة الابتدائية والمكتبة المدرسية.
واخترت الطريق الأصعب، اللغة الأحب إلى قلبي، العربية. ووضعت خطة لتطوير نفسي حتى تصل عربيتي إلى مستوى لغة أكتب بها أدبا. والفرنسية كاليد اليسرى تمد العون للعربية أحيانا.
مكنتني الأجواء التفاعلية في "عـود الـنـد" من خلال التعليقات من المعرفة والتعرف على فكر كثير من الكتاب والكاتبات، والقراء والقارئات، من مختلف الأقطار العربية والعالمية.
وبدأت أولى محاولاتي الكتابية في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، ولكني كنت احتفظ بها في الأدراج.
علق أحد الكتاب يوما على تعليق لي: "ننتظر أن نقرأ لك قريبا". وسألتني قارئة: "لماذا لا تكتبين؟" بعد أن أمضيت ما يقارب العام قارئة منتظمة أترك بصمتي بتعليق حول ما أقرأ، تشجعت، وكتبت أول قصة قصيرة: "وهدأت العاصفة"، وأرسلتها للنشر في"عـود الـنـد".
احتضنت "عـود الـنـد" تجربتي الأولى. ومنذ ذلك الحين، أخذت طريقي في الكتابة والنشر، ووجدت اهتماما وتصويبا وتشجيعا من أسرة المجلة، ناشرا وكتابا وقراء.
هكذا جاءت بدايتي متأخرة، ولكنها بداية على كل حال، فدأبت على رعايتها وسقياها لتزهر.
ولقد أكرمني الله سبحانه وتعالى بعد نشر عديد النصوص بـ"عـود الـنـد"، أن حازت قصتي "أحلام موؤودة" على اهتمام أحد النقاد، وهو الدكتور محمد سليمان السعودي، فكتب قراءة نقدية حولها تحت عنوان: "تراسل المدركات في قصة أحلام موؤودة للكاتبة الجزائرية زهرة يبرم". وكانت شهادة جميلة أعتز بها كثيرا.
أشعر بالانتماء لأسرة "عـود الـنـد"، وأنني ابنتها أدبيا، فقد ولدت فيها بشكل آخر. سمحت لقلمي المبتدئ أن يحتل مكانه بين الأقلام المتعددة والمتعاقبة، المشهورة منها والمغمورة، وأن يشق طريقه ليقول أشياء.
ومقبلة على خطوة جديدة ومهمة في حياتي الأدبية، وهي إصدار أول مجموعة قصصية لي بإذن الله تعالى وتوفيق منه.
كل الشكر لصاحب البيت الدكتور عدلي الهواري، وتهانينا لـ"عـود الـنـد" بمناسبة إكمالها عامها العاشر. كل عام وأنتم والمجلة بألف خير. كل عام وجميع الشركاء في المجلة، كتابا وقراء ومعلقين بكل خير.
◄ زهرة يبرم
▼ موضوعاتي
1 مشاركة منتدى
من التعليق إلى الكتابة, محمد علي حيدر المغرب | 22 أيار (مايو) 2016 - 22:18 1
الأخت العزيزة زهرة
سرني جدا نبأ قرب إصدارك لأول مجموعة قصصية لك في احتفالك بالعيد السنوي العاشر لمجلة عود الند، وإني إذ أُكْبِرُ فيك صراحتك التي عبرت عنها في مقالك "من التعليق إلى الكتابة" قائلة:
((ووقفت مع نفسي. أي لغة أختار؟ وكنت جادة في ترددي، ولا أبوح بسر إن قلت أن الفرنسية بدت لي أيسر، فهي لغة دراستي وأجندتي اليومية. لكن العربية لغتي الأم ولغة القرآن الكريم، ورمز هويتي، والكتاب العربي رافقني منذ المرحلة الابتدائية والمكتبة المدرسية.
واخترت الطريق الأصعب، اللغة الأحب إلى قلبي، العربية. ووضعت خطة لتطوير نفسي حتى تصل عربيتي إلى مستوى لغة أكتب بها أدبا. والفرنسية كاليد اليسرى تمد العون للعربية أحيانا.)).
كما أُكْبِرُ فيك فيك إصرارك على المضي قدما دون كلل أو ملل، وأصارحك الآن أنني وجدت في كثير من نصوصك إشراقات إنسانية، ولغة واعدة بالعطاء، غير أنني لاحظت، إلى جانب هذا، أنك أخذت في كثير من نصوصك تجنحين نحو الاهتمام بالموضوع أكثر من عنايتك بشاعرية الخطاب السردي، بعدما أشرقت بها نصوصٌ لك كان لي شرف التعليق عليها...
أتمنى أن تكون مجموعتك الجديدة بداية طريق نحو مزيد من التألق والإبداع. مع تحياتي وتقديري.
1. من التعليق إلى الكتابة, 13 حزيران (يونيو) 2016, 12:09, ::::: زهرة يبرم / الجزائر
ويسرني تواجدك هاهنا، متابعتك واهتمامك أخي الناقد الكفء محمد علي. ببصيرتك النافذة الناقدة وضعت يدك على الفقرة الأهم في هذا الإعتراف. أرى أنه جميل ومفيد أن يتحدث المرء عن تجربة حياتية خاضها وصار يلمس ثمارها، وسيحمل بفخر شرف التجربة أمام نفسه بالمقام الأول.
أردت أن أذكر في هذا المقام أحد أساتذتي، كان مثالا وقدوتي في تحدي عائق اللغة، روسي ستيني، يتعلم من تلامذته الفرنسية بكل تواضع ويدرّس الرياضيات. وبعد سنتين أصبح يصحح أخطاءهم بكل ثقة. وقد خلدت تجربته وذكراه في نص قد ينشر في هذا الصرح الثقافي.
أكبر فيك صراحتك ونقدك الفني الأنيق، بحاجة دوما لمثل هذه الملاحظات ولمن يمسك بيدي على الدرب علني أتقي بعض زلات بدايات الطريق فيستقيم قلمي.
أعظم لك الشكر والسلام، رمضان كريم وكل عام وأنت بألف خير.