مختارات: أ. ج. آربري
المطبوعات العربية الحديثة
أدناه مقتطف من مقالة للمستشرق البريطاني، أ. ج. آربري، منشورة في مجلة "الأدب والفن"، العدد الثاني، آذار (مارس) 1944.
.
ما يمضي عام حتى يحمل في طياته دلائل جديدة على القوة المتزايدة والمدى المتسع لنهضة العالم العربي في ميدان البحث والكتابة. فهذا السيل المنهمر من الكتب الذي يتدفق من المطابع وبخاصة مطابع القاهرة لم تعرقل مجراه الصعوبات المعروفة الناجمة عن الحرب، وأهمها ندرة الورق وتعذر الحصول عليه، وهي صعوبة تعانيها بلدان الشرق الأوسط.
ويعادل هذا أهمية أن مستوى طبع الكتب آخذ في الارتفاع. فقد مضت أيام الطبع الرخيص المكتظ المليء بالأخطاء، الذي كان قذى للعين وأذى للبصر. فلا يكاد يكون من المبالغة القول بأنه إذا استثنينا الصور والتجليد فإن الكتاب العربي في هذه الأيام لا يقل جودة عما يطبعه الطابعون الأوروبيون اللهم إلا الطبعات المخصوصة الفائقة الجودة. وإن القارئ لا يتأفف من بذل ثمن أعلى قليلا للكتب العربية حين يحصل على هذه الميزات التي توفيه ما يبذل أتم إيفاء.
في هذا العام الهجري - عام 1363 - [1944] يقع العيد الألفي لذلك العبقري العظيم المطبوع أبي العلاء المعري فولتير العرب. وقد أقيمت الاحتفالات بهذا العيد في الأقطار العربية وفي الولايات المتحدة، كما احتفل به بإصدار وطبع المقالات. ونذكر هنا مثلين.
سوف يقترن باسم أبي العلاء أبدا اسم الدكتور طه حسين بك. وقد دبج يراعه كتابا آخر عن ذلك الأديب الذي أثبت من عهد بعيد أنه له أبرع مفسر وخير ترجمان. وهو حدث يقابل بالترحيب والاحتفاء. ففي كتاب "مع أبي العلاء في سجنه" يعيد الدكتور طه حسين بضع قطع من اللزوميات، كما يدرس قطعا من كتاب "الفصول والغايات" الذي وإن لم تكن له شهرة الكتاب الأول فهو لا يقل عنه امتيازا وشأنا، ويصل الدكتور من هذه الدراسة إلى نتائج جديدة قيّمة بارعة.
[...]
ومن مطبعة الصادر ببيروت يصدر كتابان أحدهما كبير والآخر صغير، أحدهما جديد والآخر قديم، كلاهما من يراع ميخائيل نعيمة، من أبرع الأدباء الذين أنتجهم لبنان، ذلك الوطن المجيد مهد النبوغ الأدبي. كان نعيمة صديقا وفيا للأديب اللبناني الأمريكي العظيم جبران خليل جبران، والكتاب الكبير القديم هو طبعة ثانية لدراسته الشخصية والأدبية التي كتبها بعيد موت جبران.
= = =
أ . ج . آربري. (Arthur John Arberry) المطبوعات العربية الحديثة. مجلة الأدب والفن. العدد 2: آذار (مارس) 1944. ص 45-46.
◄ عود الند: مختارات
▼ موضوعاتي